-بما فيهم الطليان- يأتون لاستقاء العلم من مصادره العربية" (١).
وممن عرف في هذه المرحلة "اديلار الباتي" (١٠٩٠ - ١١٦٠ م) الذي تعلم في بلاده، ثم في بلاد المسلمين ولاسيّما مدرسة طليطلة (٢)، وتشبع بالعلوم العربية، وله في ذلك مقولة: "هل من أحد غيري تعلّم على يد المعلّمين العرب سلوك درب العقل،. . . ." (٣)، وكأن في ذلك نوع من الافتخار، وأصبح العارفون باللغة العربية والعلوم المنقولة من بلاد المسلمين هم رواد الثقافة والمقربون من الملوك والأمراء في أوروبا.
بدأت الطوائف المشهورة تعتني أيضًا بأتباعها، ويترجم مثقفوها ما ينفعهم من علوم المسلمين، ومن ذلك أثر أحد اليهود -سافاسوردا- الذي "ألف تأليفًا ضخمًا في العبرية، بقصد تفهيم العلم العربي للطوائف اليهودية في جنوب فرنسا" (٤)، وقد كان لليهود أثر كبير في نقل علوم المسلمين إلى أوروبا أيضًا.
ها نحن نقترب من القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وفيه تشهد أوروبا حركة علمية، ويبرز بقوة أثر "الجامعة" كمؤسسة علمية جديدة بعد أن احتوت ثمار العلوم المنقولة من بلاد المسلمين وانطلاقهم بها فيما ينفعهم، فبعد أن عاشت أوروبا ما يقرب من خمسة قرون في ظلمات القرون الوسطى على حسب تعبير مؤلفي تاريخ الفلسفة والعلم؛ جاءت يقظتها مع التأثيرات الإسلامية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي، أعقبها ما أطلقوا عليه: "نهضة الجامعات والعصر الذهبي للعلم المدرسي في القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر" (٥).
إلا أنه في هذا القرن (٧ هـ - ١٣ م) قد فقد العالم الإسلامي قطعة غالية من