مال الآباء إليهم، فبالضرورة يحن الأولاد والأزواج إليهم، فيرتقون بطعام الآباء ويتمتعون بالإخوة - وهم الأولاد والأزواج فتبلغ نفوسهم هواها وغرضها بهذه الصورة التي أقاموها، فضلوا بذلك وأضلوا كثيرا، وأظلمت قلوبهم والتبستهم صور شيطانية، يرى العارفون بشاعتها من وجوههم، فما أبعدهم عن الله تعالى، وأبعدهم عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله حقيقة، وهم قطاع الطريق، يقطعون طريق الحق عن اتباع السنة والوصول إلى الله تعالى،فما جاء الإسلام قوم أضر منهم على أهله ، إنما يعرف ضررهم على الإسلام من يعرف الإسلام وطريقته، وما أصدق من قال: وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها فنسأل الله العظيم، الجبار القدير ، العزيز الحكيم ، أن يكشف هذه الظلمة عن وجه الإسلام، وأن يعفي آثارها، ويمحق منارها، وأن يكشفهم للخاص والعام، حتى ترميهم العيون بالنظر الشزر والازدراء،و يقلاهم الخلق فينالهم الذل عقوبة الافتراء فيموتوا جوعا وعريا وحفاء وذلة، أو يرجعوا إلى طريق الحق والصواب ، ويتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجيء والذهاب.
فصل
سبب انحراف الأمة وتشعبها، هو أنه حدث في هذه القرون بعد الرسول صلى الله عليه وسلم مشايخ صالحون، أولو أحوال أميون،لا يعرفون تفاصيل الشريعة، فلم يعملوها، ولم يحملوا أصحابهم على تفاصيلها، فصات أفعال شيخ كل طائفة بها يقتدي أصحابها، وصار الشيخ هو المتبوع في شمائله وأحواله وعاداته، وأعرضوا بذلك عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والله تعالى سائلهم يوم القيامة عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، لا عن اتباع الشيخ فلذلك افترقت الأمة فرقا، وصاروا بهذا الافتراق شيعا.
فصل في ميزان توزن به المشايخ، ليكون متبعهم على بصيرة من أمره ونيته من حاله
Страница 233