Египет от Насера до Октябрьской войны
مصر من ناصر إلى حرب
Жанры
حاولت بطريقة مختلفة أن أنبه السادات إلى فكرة ضرورة إجراء مشاورات تمهيدية مع الزعماء السوفييت دون نفي، بطبيعة الحال، لحق مصر الذي لا ينازع في اتخاذ ما يراه من قرارات تمس استقلالها؛ فقد جاء وجود العسكريين السوفييت نتيجة قرار مشترك بين دولتين، ونتيجة للتنسيق بينهما وما إلى ذلك.
لكن السادات عاد من جديد ليؤكد أنه لا عودة للوضع السابق، وأنه قد أصدر قرارا حاسما، ثم بدأ بعد ذلك في الحديث بلهجة ساخرة عن العسكريين السوفييت في مصر لكي يثير سخطي ويستفزني لاتخاذ رد فعل حاد. شعرت على نحو غريزي أن علي الآن تحديدا أن أكون أكثر هدوءا وألا أبدو شخصا أثيرت مشاعره، وألا أستسلم للسادات في تلك الحالات التي يسخر فيها من بلادي وشعبها.
أجبته بكل أدب أن السوفييت لم يجيئوا إلى مصر بمحض إرادتهم، وإنما أرسلوا إلى هنا وقاموا بواجبهم الأممي في مساعدة الشعب المصري في نضاله ضد عدو مشترك على التراب المصري، وقد فقد الكثير منهم صحته، ومع ذلك فقد أدى السوفييت جميعهم واجبهم بشرف أمام وطنهم وأمام الشعب المصري الشقيق، وبالطبع فهم لا يستحقون هذه الإهانات التي يوجهها الرئيس لهم الآن.
لكن السادات قرر أن يزيد الجو توترا، فراح يتعرض للزعماء السوفييت ولي شخصيا ثم صاح قائلا: «ما الذي كان علي فعله عندما قدمتم لي هذه الورقة التي لا تصلح إلا أن أمسح بها الأرض؟»
أجبت الرئيس قائلا إنني لم أحضر له «ورقة» ليمسح بها الأرض، وإنما رسالة من الزعماء السوفييت، زعماء البلاد التي تمثل حليفا لمصر وشعبها؛ ولذلك فإنني أرجوك ألا تتحدث عن هذه الأشياء التي يمكن اعتبارها إهانة للشعب السوفييتي.
صاح السادات: «ماذا كان ستالين سيفعل برأيك لو أن السفير الإنجليزي أحضر له أثناء الحرب رسالة شبيهة بهذه الرسالة التي أحضرتها إلي؟»
أدركت بالطبع أن أي حديث لن تكون له جدوى، وأن الرئيس قد تجاوز الحدود، وأنه قد يزداد تطاولا في هذا الاتجاه، وأن الحديث بات عبثا، وأن استمراره سيزيد الأمور تعقيدا.
أجبت بقولي: «سيادة الرئيس، لست السفير الإنجليزي، ولم أحضر لك رسالة من الحكومة الإنجليزية. هل لديكم أسئلة نناقشها أو شيء آخر تودون إبلاغه إلى موسكو؟ إن لم يكن هناك شيء من ذلك فإنني أستطيع الذهاب.»
قال السادات إنه ليس لديه شيء. أديت التحية وغادرت المكان.
أثار خبر القرار الذي اتخذه السادات القلق بطبيعة الحال لدى الدائرة المقربة من السادات بما فيها رئيس الوزراء عزيز صدقي. وقد استشعر قادة البلاد، الذين كانوا لا يزالون يقدرون العلاقات مع الاتحاد السوفييتي، استشعروا على نحو جلي النتائج التي يمكن أن تؤدي إليها هذه الخطوة التي اتخذها السادات. لقد قدم السادات تنازلا صريحا للأمريكيين، الذين كانوا يطالبون بإخراج «الوجود السوفييتي» من الشرق الأوسط، وخاصة الوجود العسكري. وقد قدم السادات ما أرادوا عربونا، وأبلغهم بأنه على استعداد أن يسير إلى أقصى مدى في علاقته بالاتحاد السوفييتي.
Неизвестная страница