История Египта при хедиве Исмаиле Паше
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Жанры
ولعل الذي حمل (إسماعيل) على إنقاذ مزارعي بلاده من هذه الورطة التي وقعوا فيها، علاوة على رغبته في رفع الضيم عنهم، رغبته في عدم تحويل ثقة رءوس الأموال الغربية عن الأرض المصرية، لاعتباره هذه الثقة من عوامل تقدم البلاد في سبيل الحضارة، ومن أكبر أسباب إحياء روح العمل والنشاط فيها - وإلا، فإن المقرضين الغربيين الذين باتت أموالهم، بسبب هبوط أسعار القطن الفجائي، عرضة للضياع، أو إنها ضاعت بالفعل، لم يكونوا ليلوموا في ذلك إلا سوء تبصرهم، وشدة مطامعهم؛ ولم يكونوا جديرين بمواساة ما، فضلا عن العناية بهم؛ لأن معظمهم كانوا يقرضون المزارعين بفوائد معدلها ثلاثة أو أربعة، وأحيانا، خمسة في المائة شهريا!
ثانيا:
من أنه لما زاد النيل في سنة 1870 زيادة عظيمة هددت بالغرق، ثلاثا من قرى مصر، وبالخراب التام أهلها، ونما الخبر إلى (إسماعيل )، أمر بكسر الجسور فوق تلك القرى، في وسط أطيانه الخصوصية، لتتحول إليها وتغمرها المياه المتدفقة المهددة: فتنجو قرى الفلاحين البائسين ومزارعهم، فكسرت الجسور؛ وغرقت أطيان الأمير بالفعل، فأصابته، من جراء ذلك، خسائر قدرت بأربعة ملايين من الفرنكات، ولكن قرى المزارعين ومحصولاتهم نجت وأبعد، عنهم وعنها، البؤس والشقاء، فأعلن (إسماعيل) أن هذا يسره سرورا يجعل خسارته لا قيمة لها عنده بالمرة.
22
فأمير هذه عنايته بمزارعي بلاده وفلاحيها، حتى وهو في بلاد الغربة يتطبب وهذا شعوره، لم يكن ليرضى أن تثقل كاهلهم جباية الأموال المقررة على أطيانهم منهم ولئن أوخذ على شيء من المظالم والمغارم التي أحاقت بهم، في هذا الباب، فإنه إنما يؤاخذ بحق، على عدم تنزيله العقاب الصارم بموظفيه المجرمين المتجاوزين الحدود في ذلك، مثلما أنزله بإسماعيل صديق باشا كبيرهم، وعلى سماحه لنفسه بأن تغيب تلك المظالم والمغارم عن نظره وهو يتطلع إلى آفاق كان من شأن شرور الحاضر أن تتضاءل فيها، وتتوارى أمام عظمة المستقبل وزهوه وخيراته الجمة، التي كان يسعى إلى تحقيقها!
على أن عذره في ذلك، هو أنه لا بد، لجاني الورد، من وخز الشوك؛ ولا مفر، لقاطف العسل، من إبر النحل!
الفصل الثالث
فتح أبواب التجارة والصناعة والعمل1
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور .
قرآن شريف
Неизвестная страница