405

История Египта при хедиве Исмаиле Паше

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Жанры

وإنما كانت مشغولية الرأي العام، وقلق أفكاره ناجمين عن أنه منذ حضور المستر كيڨ هذا انقسمت المعية الخديوية الرسمية وغير الرسمية إلى دائرتين متعاكستين، لكل منهما زعيم أو مدره، وماليون، ومؤثرات صغيرة وكبيرة، لا بل وعيون مبثوثة حول الأمير، ونظام احتياطات يرمي إلى تملك أذنه وقلبه، دون الدوائر الأخرى.

هاتان الدائرتان كانتا دائرتي الحزب الفرنساوي والحزب الإنجليزي، والنتيجة الوحيدة الواضحة لمجهوداتهما كانت تعذر الوصول إلى إتمام أي مشروع، بسبب العراقيل التي أخذ يقيمها كل حزب في طريق خصمه، وعدم تمكنهما من الاتفاق على العمل معا، لأنه بينما كانت مرامي الحزب الفرنساوي مالية اقتصادية فقط، كانت مرامي الحزب الإنجليزي سياسية قبل كل شيء.

فانقضى شهر يناير سنة 1876، والحالة هذه بدون التوفق إلى اتخاذ أية وسيلة لدرء الطوارئ المخيفة، المتوقع قدومها مع استحقاقات الدفع الموشك حلولها، وزاد المخاوف هلعا استمرار إقامة المستر كيڨ في القطر، واستمرار مباحثه، ودروسه دون ظهور أية نتيجة لها بعد، وانتشار أبعد الأخبار غرابة في الأوساط المالية المحلية عن المجهودات المبذولة من كلا الحزبين البادي ذكرهما، لحمل الخديو على قبول هذا الاقتراح أو ذاك العرض المقدمين تارة من هذا الحزب، وطورا من ذاك.

أما المشروع الذي كان ينسب السعي في تحقيقه إلى الحزب الفرنساوي، والذي كان في الواقع مرمى مساعي هذا الحزب، وعلى رأسه الأنجلو إچپشن بنك، فكان توحيد الدين السائر.

وأما ما كان ينسب السعي نحو تحقيقه إلى الحزب الإنجليزي، وما كانت الأوساط المالية الغربية وغيرها بمصر تعتقد في نجاحها لرغبتها فيه، فكان أن تأخذ الحكومة الإنجليزية على عاتقها جميع الديون المصرية، المضمونة منها وغير المضمونة، وتتولى هي سدادها، على شرط التنازل لها عن السكك الحديدية وميناءي الإسكندرية والسويس، وأشياء غيرها من هذا القبيل، ومن هذه الأهمية.

وبينما هذه الإشاعات تذاع وتتضارب، إذا بنبأ طار في 17 فبراير أن الأنجلو عقد مع إسماعيل صديق باشا عقدا ماليا قدم له بموجبه، ومن أصل المطلوب لتثبيت الدين السائر، مبلغ ثلاثة ملايين جنيه منها مليونان نقدا، والمليون الباقي عند الاختيار.

فدل ذلك على تفوق الحزب الفرنساوي على خصمه.

ولم تمض على ذلك أيام إلا وطار نبأ آخر بسفر مسيو پاستري، مالي هذا الحزب إلى باريس، وفي جيبه مشروع مصدق عليه من الخديو لكي يعرضه هناك على النقابة التي كان هو مندوبها بمصر، أي على فريق الماليين الذي كان البنك العقاري الفرنساوي زعيمهم وروحهم.

وبما أن العالم المالي المصري لم يكن مرتاحا إلا إلى نجاح المشروع المنسوب إلى الحزب الإنجليزي ولا كان يهمه إلا قليلا نجاح الحزب الفرنساوي، فإنه قابل النبأين ببرود وظنون ثائرة، ولم يتبع إلا بفتور المخابرات التي باشرها المسيو پاستري بعد وصوله إلى باريس مع نقابته.

أما المشروع الذي ذهب ليعرضه عليها فكان عبارة عن إنشاء بنك أهلي، رأس ماله من أربعة إلى خمسة ملايين جنيه، يناط به جمع كل إيرادات القطر المصري في خزائنه، فيستعبد ما يلزم منها لخدمة الدين، ويسلم الباقي إلى الحكومة، أو يبقيه تحت تصرفها، ويناط به أيضا أمر سداد الدين السائر، بواسطة إصدار أذونات لثلاثين سنة، تكون ضمانة سدادها إيرادات سكك حديد الصعيد، والدخوليات، وميناء الإسكندرية، وما يخص حصص التأسيس في شركة ترعة السويس الباقية في حيازة الحكومة.

Неизвестная страница