386

История Египта при хедиве Исмаиле Паше

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Жанры

وكانت أنباء عمليته المالية مع محل أوپنهايم قد سبقته إلى تلك العاصمة الجشعة، فلعلمها بمجيئه إليها مملوء الجعبة، استعدت لاستقباله استقبالا حافلا، وما وطئت قدماه أرضها إلا وأظهر له السلطان من الحفاوة فوق كل منتظر، ورحب به محمود باشا الصدر الأعظم ترحيبا بالغا.

ولما كان (إسماعيل) قد صمم على إجراء عمليته المالية العظمى التي كان الملأ يدعونها مقدما «القرض الكبير»، والتي حببها إليه وزير ماليته ووضعها في شكل العملية الوحيدة التي يمكن إنقاذ البلاد بها، أقبل من فوره يبذل الوسائل الذهبية التي تقضي في دار السعادة كل الأوطار، لينال الفرمان الذي يمنحه الحق في عقد ذلك القرض، ليس فقط، بل وينيله توسيع حدود الاستقلال وأبهة مظاهر الملك الحقيقي فنجم عن ذلك ما قد يأبى التاريخ تصديقه، لولا أن أكبر الثقات المعاصرين شهدوا بوقوعه، وهو ما سبق لنا بيانه في حينه.

على أنه حينما عاد إلى عاصمة بلاده، بعد فوزه بجميع مطالبه، وجد أنه لم يكن يمر شهر، بل أسبوع، بل نكاد نقول يوم على وزارة ماليته بدون إقدامها على عمل جديد. وبلغت قيمة ما جادت به قريحة إسماعيل صديق، في شهر نوفمبر وحده، بين عمليات مالية كبيرة، وصغيرة نيفا ومليونين ونصفا من الجنيهات، بمعدل خصم سنوي من 13 إلى

في المائة.

على أن الذي استلفت إليه الأنظار، في تلك العمليات لم يكن جسامتها على بهاظتها، ولكن ظهور أوراق مالية جديدة فيها كانت غريبة الغرائب، وأبعد ما ينتظر من الوقائع.

وما أدراك ما كانت تلك الأوراق المالية الجديدة؟

كانت حوالات على لندره بمبلغ 600000، يستحق دفعها بعد مضي سنة، بضمانة وإمضاء رئيس لجنة «المقابلة»، أي أن الوزير حول عملا وضع لاستهلاك عموم الديون المصرية إلى معمل إصدار ديون جديدة!

فأوجب الأمر في بادئه ترددا في السوق، ولكن ذلك التردد لم يمكث إلا لحظة وانقضى، لأن الجد لم يكن له من أساس في الأخلاق، فاستطاع الوزير في أيام ديسمبر الخمسة عشر الأولى تصريف أوراق من تلك الأوراق الجديدة الغريبة بما بلغت قيمته مليونا ومائتي ألف جنيه.

ولما رأى الريح موافقة أقدم على عمليات أخرى لحساب وزارته، وحساب الدائرة السنية، بلغت قيمتها المجموعة لغاية آخر ديسمبر نيفا وأربعة ملايين ونصفا من الجنيهات.

فلما كثرت الأموال على هذا المنوال، أقدم الخديو على تزويج أولاده الأمراء الثلاثة محمد توفيق (ولي العهد)، وحسين وحسن وابنته الأميرة فاطمة هانم، وأقام لهم مهرجانا لم تر مصر نظيره أبدا.

Неизвестная страница