История Египта при хедиве Исмаиле Паше
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Жанры
في الأفراح والأعراس.
ثالثا:
في القصور والسرايات وما اشتملت عليه.
أما الأعياد - وهي الإسلامية الكبرى، والقومية العامة، كعيد وفاء النيل، وتذكار يوم الجلوس السنوي - فإنك كنت ترى فيها العاصمة قائمة قاعدة، تجتاز شوارعها المواكب الفخمة، والعربات الفاخرة، والرايات والأشاير، والطبول والزمور، وجماعات أصحاب الرتب والنياشين بملابسهم الذهبية الساطعة، ونياشينهم المتلألئة، وأوسمتهم الفاخرة، يفدون على سراي عابدين زرافات ووحدانا، وكنت تسمع الموسيقات تصدح بأنغامها الشجية في كل حي من الأحياء، وتدوي المدافع دويا متعاقبا، وتجري الاستعراضات الجميلة إما في ساحة عابدين الفسيحة، وإما بالعباسية، مكان المولد النبوي، الممتاز من بين تلك الأعياد بإحياء الليالي السابقة لحلوله، إحياء بديعا، فتنتشر في الفضاء الواسع السرادقات الفخمة المزدانة بأفخر الرياش، لا سيما سرادق الخديو، وسرادقات رجال حكومته، وتتلى الصلوات وتقام الأذكار في الخيام والصواوين، وتعم الفيوضات الخديوية المعوزين والفقراء، فتمد لهم الأسمطة ليلا، فيأكلون ما طاب ولذ، وتشعل السواريخ والألعاب النارية على أبدع الأشكال، وأتم الأنواع.
وأما عيد الجلوس، فإنه كان يمتاز بمرور عشرة آلاف درويش، بأشايرهم وراياتهم، أمام شرفة القصر بعابدين بضجة وعجة عجيبتين، تستمران ساعتين، وباستعراض فخم يقام بالعباسية، وتؤمه جماهير العالمين من كل فج عميق.
ناهيك بما كان يقام في تلك الأعياد من الولائم، وما ينحر من النحائر، وما يوزع من الصدقات، وينعم به من النعم، ويجاد به من العطايا، فما من مستخدم في القصور مهما كان حقيرا إلا وتخرج له الهدايا الثمينة المتنوعة، للكبراء تمنح القصور والأطيان، والجواري الحسان، والجواهر الثمينة، والجياد المطهمة؛ وللمتوسطين تهدى صرر النقود، أو السيوف المرصعة، والآنية الفاخرة، والرياش الوثير؛ وللأصاغر تعطى الجوائز من الخواتم والساعات، والملابس والحلويات، فكنت ترى الأقوام على اختلاف مراكزهم الاجتماعية ينتظرون حلول الأعياد بمطامع مفتوحة، وأعين مرفوعة مركزها ولي النعم وآل بيته، فتجود أيدي (إسماعيل) وأزواجه وبناته بما يشبع تلك المطامع ويقر تلك العيون.
2
وأما الرسميات، وأهمها استقبال القناصل عند تعيينهم، فإن أخص ما كان يستوقف الأنظار فيها العربات الخديوية الخاصة تجرها أجاويد الجياد، تارة ستة، وطورا ثمانية، وكلها من لون واحد، وتحف بها كوكبات الفرسان بسيوف مشهرة، فتذهب بمعتمدي الدول إلى حيث يستقبلهم العاهل المصري وهو في وسط حلقة من وزرائه وأخصائه، يأخذ سنا ملابسهم بالأبصار، وتبهر جواهر النياشين المتلألئة على صدورهم الأنظار، فبعد أن تتبادل الخطب المعتادة، وتتصافح الأيدي، كان يصدر الأمر الكريم بالإنعام على الوافد بسيف من السيوف المرصعة الثمينة، وحصان من أجاويد خيل الإسطبلات الخديوية العامرة.
وأما الأفراح والأعراس، فلا أوقع في تقريبها إلى دائرة المخيلة من وصف الأعياد التي أقيمت احتفالا بزواج الأمراء الثلاثة: توفيق وحسين وحسن أبناء (إسماعيل)، من الأميرات: أمنية هانم بنت إلهامي باشا بن (عباس الأول)، والأميرة عين الحياة هانم بنت الأمير أحمد باشا بن (إبراهيم الأول)، والأميرة خديجة هانم بنت الأمير محمد علي الصغير بن (محمد علي) الباشا العظيم، وزواج أختهم الأميرة فاطمة هانم بالأمير طوسون بن (محمد سعيد). تلك الأعياد، وقد أقيمت ابتداء من 15 يناير سنة 1873، دامت أربعين يوما كاملة باعتبار عشرة أيام لكل فرح منها، ولا يزال ذكرها إلى يومنا هذا يبهر تصور الذين رأوها وعاشوا أيامها اللامنسية.
فإن شوارع العاصمة المهمة، وعلى الأخص ما كان منها مؤديا إلى القصر العالي مقر والدة (إسماعيل)، وإلى سراي الجزيرة، مقر حفلات (إسماعيل) المفضل، وسراي القبة مقر ولي العهد، زينت بالتحف والفوانيس المختلفة الألوان على مسافات بضعة آلاف من الكيلو مترات، ووضع في نهايتها أقواس نصر مختلفة الأنوار، جعلوا في أعاليها طرقات رصعت بالشموع.
Неизвестная страница