История Египта при хедиве Исмаиле Паше
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Жанры
تعلم: فليس المرء يولد عالما
وليس أخو علم كمن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه المحافل
عمر بن عبد العزيز
لما دخل الفرنساويون مصر سنة 1798، لم يكن في القطر كله إلا مدرسة الأزهر ومكتبتها الحاوية لكتب علوم الدين وكتب لغة وآداب، ومع أن الأساتذة المدرسين في تلك الكلية كانوا عديدين فإن عدد الطلبة كان قليلا بالنسبة لما هو الآن، ومع أنه كان يوجد سبعة أروقة للعلوم، فإنه لم يكن التعليم يتجاوز تجويد القرآن، ومعرفة الحديث؛ وتعدد الأروقة إنما كان لسبب تعدد أنواع الطلبة وجنسياتهم، كما هي الحال الآن؛ غير أنه كان في القاهرة عينها عدد يعتد به من الكتاتيب المخصص لها أوقاف خيرية لتعليم الأولاد مبادئ القراءة والكتابة، والقرآن الكريم.
فلما بدأ حكم (محمد علي) يستقر في القطر، نجم - عن القليل من النظام والأمن اللذين أدخلهما على الحياة القومية، وعن إعفاء طلاب العلم من الخدمة العسكرية - رقي محسوس لعدد المتعلمين في الأزهر والبيئات العلمية الأخرى، ولكنه لم ينجم عنها رقي في طرق التعليم إلا بعدما عن لمحمد علي باشا فتح ميدان جديد للعلم وإدخال الأمة فيه قسرا.
وتفضيل ذلك أن هذا الأمير، بعد أن قتل المماليك في مجزرة القلعة الشهيرة، امتلك الصبيان والشبان من مماليكهم، فأدخل هؤلاء في حرسه، وجميع الآخرين في مدرسة بالقلعة ليتعلموا فيها القرآن، والكتابة، واللغة التركية، وضروب العسكرية العملية، وفن الفروسية بفروعه: مقتديا في ذلك بالسلاطين المماليك البرچيين وبعض كبار الأمراء المماليك أنفسهم الذين استأصل شأفتهم من الأرض المصرية.
ولما فكر في سنة 1816 في تشكيل جيش على النظام الغربي، ولم يفلح في بادئ الأمر بسبب الثورة التي قام بها الجنود غير النظاميين حوله، أرسل أكبر الشبان من مماليكه القائمين بالقلعة إلى مصر العليا، ليكون منهم مدرسة عسكرية تحت إدارة معلمين غربيين، ثم لكي يملأ الفراغ الذي قد يحدثه في هذه المدرسة، إنشاء الأورط، أسس بمصر، في القصر العيني، مدرسة أخرى تحضيرية للدخول في المدرسة الأولى؛ وذلك حوالي سنة 1825 ووضع فيها 500 ولد من الشراكسة، والكرج، والأتراك، والأكراد، والأرناؤط، والأرمن، واليونان - ليس فيهم مصري واحد - ليتعلموا القرآن، والكتابة، والقواعد اللغوية، والآداب التركية، والفارسية ، ومبادئ اللغة العربية، والحساب والهندسة، والجبر، والرسم، واللغة التليانية - لأنها كانت لغة معظم معلمي العسكرية الناشئة - وجعل اللغة التركية أساس التعليم كله.
ولكنه، لإدراكه أن تعليم أولئك الشبان لم يتم بالسرعة والمتانة اللتين يريدهما، ولرغبته في سرعة تكوين هيئة أركان حرب مصرية، أرسل، منذ سنة 1826، إلى ليڨرنو، وميلانو، وفلورنسا، وروما، بعض المماليك الشبان، ليتعلموا صناعة بناء السفن، والفنون الحربية، والطباعة، والهندسة العسكرية والمدنية، وهلم جرا، ثم أرسل، بعد سنتين، طلبة آخرين إلى إنجلترا، ليتعلموا الهندسة المدنية، وهندسة الآلات المائية، والميكانيكا، وفن الملاحة.
Неизвестная страница