Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Жанры
ثم لم يلبث «ماثيو لسبس» أن أكد «لتاليران» في 9 أبريل «أن خورشيد ليس لديه أي فرمان من الباب العالي، وأنه دخل القاهرة دون أن يصله أمر قاطع من حكومته بأن يفعل ذلك، ثم استطرد «لسبس» يقول: إنه وصلته في هذه اللحظة رسالة من دمياط تعلن أن مركبا قد وصل إلى دمياط من عكا في 4 أبريل تذيع أن السلطان العثماني قد أعطى الجزار باشا حكومة مصر والشام بأسرها بما في ذلك حلب، وأن الجزار قد أرسل ستة من الرسل على ظهر الهجن لإعلان هذا النبأ في القاهرة.»
وفي 22 أبريل عاد «لسبس» يؤكد في كتابه إلى «برون» أن خورشيد ليس لديه فرمان من الباب العالي، وأن خورشيد قد كتب له كما كتب للوكيل الإنجليزي يدعوهما للحضور إلى القاهرة لغرض واحد فحسب هو أن يضعهما تحت سلطانه، وكي يستخدمهما كأدوات لإنقاذ أعماله ضد الأوروبيين ويلقي بهما فريسة للأرنئود الذين ازداد جشعهم بعد خطوتهم التي قاموا بها لنوال صفح الباب العالي عنهم.
على أنه مما يسترعي الانتباه حقا، قول «لسبس» في رسالته هذه، إنه لما لم يكن لدى خورشيد فرمان من الباب العالي، ولما لم يكن لديه من الجند سوى الأرنئود؛ فقد أصبح في أيدي هؤلاء مجرد أداة يحركونها كما يشاءون، ثم قوله: «وأما محمد علي فقد أعلن أمام «خورشيد باشا» وأمام تراجمة الوكلاء الأوروبيين الذين كانوا مجتمعين في بيت الباشا أن خورشيد ليس لديه أي فرمان من الباب العالي، وأنه؛ أي محمد علي، هو الذي يأمر وينهى، وأنه يريد أن يمده الأوروبيون بالمال فورا.»
وقد كتب «لسبس» إلى «تاليران» في 25 أبريل يؤكد من جديد «أن الجزار باشا قد عين قطعا لولاية مصر وأنه قد أرسل جنده إليها وأن بعض هؤلاء موجودون فعلا بالعريش، وأن هناك من يتساءل الآن: إلى أي جانب سوف ينحاز الأرنئود؟ وهل يحكم الجزار باشا في مصر؟ أو أن الباب العالي سوف يبعث بتثبيت أحمد خورشيد باشا الذي يحكم اليوم فعلا؟»
غير أن هذا التساؤل لم يدم طويلا؛ ذلك أن «ماثيو لسبس» لم يلبث أن كتب بعد ذلك وفي اليوم نفسه إلى الجنرال برون «أن طاهر بك حاكم الإسكندرية المؤقت قد أرسل إليه في هذه اللحظة ذاتها يبلغه أن خورشيد باشا قد تعين واليا على مصر بمقتضى فرمانات وصلت اليوم من الباب العالي وأرسلت إلى القاهرة»، ثم أكد الوكلاء الفرنسيون هذا الخبر؛ أي وصول فرمان تثبيت خورشيد في ولايته، في نشرتين من نشراتهم الإخبارية: الأولى عن حوادث مصر بين «10، 30 أبريل 1804»، والثانية عن هذه الحوادث بين «21، 30 مايو 1804».
ذلك أن الباب العالي قد قرر أخيرا تثبيت أحمد خورشيد باشا في ولاية مصر، فذكر «ستراتون» في رسالته إلى اللورد «هوكسبري» في 25 مايو «أن السلطان قد سلم - أو رضي - بتثبيت خورشيد باشا في ولاية مصر، وهي الولاية التي - كما يعرف هوكسبري - قد رفعه إليها الزعماء الأرنئود.»
وفضلا عن ذلك، فقد تناول غير هؤلاء من المعاصرين قصة هذا الفرمان، فقال «مانجان» إن الفرمان الذي أرسله محمد علي في منتصف ليل 12 مارس 1804 إلى القاضي لقراءته في حضور المشايخ كان طريقة ماهرة لإظهار شرعية مسلكه أمام المشايخ الذين كان في استطاعتهم تقرير اتجاه الحركة الشعبية، وهذا في وقت كان لا يزال فيه أكثر البكوات متحصنين في بيوتهم ولا تزال مقاومتهم مستمرة، كما كان في وسع البرديسي إذا وجد مناصرين له يدعونه للدخول إلى القاهرة أن يقتحمها بقواته المسلحة.
ومع ذلك فهناك طائفة من الأسئلة يحار المرء في الجواب عليها، من ذلك معرفة كيف حضر هذا الفرمان؟ وأي قابجي أو رسول من القسطنطينية أحضره؟ وكيف تسنى ورود هذا الفرمان مع العلم بأنه قد مضى على وفاة - أو قتل - علي باشا الجزائرلي اثنان وأربعون يوما فحسب حتى يوم 12 مارس، ومن المتعذر في هذه الأثناء الوقوف على ميول ورغبات الباب العالي؛ لأن الوقت كان شتاء، والمواصلات في هذا الفصل عسيرة وصعبة وتكاد تكون مقطوعة.
وأما «روشتي» فقد ذكر قصة هذا الفرمان في رسالة مسهبة سجل فيها الحوادث التي أفضت إلى إنهاء حكم البكوات من القاهرة، وبعث بها إلى البارون شتورمر السفير النمساوي بالقسطنطينية في 12 مارس 1804، فقال: إن «محمد علي» الذي كان اتحاده وثيقا مع السيد عمر مكرم نقيب الأشراف وسائر العلماء لم يلبث أن اجتمع بالمشايخ وحمل حملة شديدة على البرديسي لخيانة عهد أخيه الألفي، وقال إن جنده الألبانيين ورؤسائهم قد روعتهم هذه الخيانة حتى صاروا ينقمون عليه نقمة شديدة ويريدون إنهاء سلطان المماليك في القاهرة، فوافق الحاضرون على ذلك بالإجماع، «وعندئذ أبرز لهم محمد علي صورة فرمان بعث بها إليه خورشيد باشا من الإسكندرية، وبهذه الحجة أو العذر صار تدبير مهاجمة البكوات فجأة في بيوتهم وفي لحظة واحدة والقضاء عليهم مع مماليكهم.»
وأما الشيخ الجبرتي فقد أوجز هذه القصة عندما سجل، في بساطة ووضوح كذلك، في حوادث «يوم الاثنين تاسع عشرة» (أي من شهر محرم عام 1219، والموافق لأول مايو 1804) أنه قد «ورد ططري وعلى يده بشارة للباشا «خورشيد» بتقليده ولاية مصر، ووصول القابجي الذي معه التقليد والطوخ الثالث إلى رشيد وطوخان لمحمد علي وحسن بك أخي طاهر باشا وأحمد بك من رؤساء الأرنئود فضربوا عدة مدافع وذهب المشايخ والأعيان للتهنئة.»
Неизвестная страница