Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Жанры
James Craig
لفتت الحكومة الإنجليزية نظره في التعليمات التي أصدرتها إليه في 29 مارس 1805 إلى المحاولات التي قد يقوم بها الفرنسيون ضد أملاك السلطان العثماني وخصوصا ضد مصر، وقالت: إن احتلال قوة إنجليزية للإسكندرية يصبح في هذه الحالة أمرا ضروريا.
وأما تنفيذ مشروع احتلال الإسكندرية فقد ارتهن من أول الأمر بتطور الظروف والحوادث، فلم يرجئ العمل به مباشرة سوى انتصار الإنجليز في معركة الطرف الأغر البحرية في 21 أكتوبر 1805؛ لأن هذا النصر أكسبهم السيادة على البحار فانتفى مؤقتا أي خطر قد يهدد الشرق من جانب فرنسا، على أن الظروف ما لبثت أن تغيرت في العام نفسه وفي العام التالي حتى بات إرسال حملة إنجليزية لاحتلال الإسكندرية مسألة وقت فحسب، وكان بعض هذه الظروف ناشئا عن الحوادث التي وقعت في أوروبا، بينما نشأ بعضها الآخر عن الحوادث التي وقعت في مصر وأسفرت عن المناداة بولاية محمد علي.
الفصل الرابع
ظهور محمد علي: الخطوات الأولى
تمهيد
قام الصراع بين السياستين الإنجليزية الإيجابية والفرنسية السلبية بين عامي 1801-1805، من أجل الاستئثار بالنفوذ الأعلى في مصر، وتوجيه الأحزاب التي اعتقدت حكومتا لندن وباريس أن بوسعها رعاية مصالحها في البلاد: لندن لإنشاء حكومة قوية مستقرة تستطيع الدفاع عن مصر ضد الغزو الفرنسي الذي توقع الإنجليز حدوثه، وباريس لتأسيس النفوذ الفرنسي بعد أن كاد يتلاشى كلية عقب هزيمة جيش الشرق وخروج الفرنسيين من مصر، وكان مقصد القنصل الأول استئناف العلاقات التجارية بين البلدين، وفتح الأسواق المصرية للمنتجات الفرنسية، ثم إبطال مساعي ونشاط الوكلاء الإنجليز ومنع خصومهم من أن يكون لهم أي نفوذ سياسي في مصر.
ومع أن الإنجليز والفرنسيين - على السواء - راعوا في نشاطهم دائما عدم تنفير الأتراك أصحاب السيادة الشرعية على مصر، واستبقاء علاقات المودة معهم، الأولون حتى لا تنضم تركيا إلى فرنسا، والأخيرون حتى ينحاز إليهم الباب العالي في النضال القائم بينهم وبين إنجلترا؛ فقد ظهر أن الفريقين كانا يعتقدان أن المماليك وحدهم هم القوة الفعالة في مصر والتي في وسعها أن تحقق مآرب من يتيسر له منهما كسبها إلى جانبه.
وعلى ذلك فقد انحصر نشاط السياستين: الإنجليزية والفرنسية في توثيق الصلات مع البكوات، وأسفر هذا النشاط فيما يتعلق بالسياسة الفرنسية عن إخفاق «ماثيو لسبس» في مهمته للأسباب التي ذكرناها في حينها، والتي كان أهمها سلبية السياسة الفرنسية ذاتها، واقتصارها على بذل الوعود وإظهار النوايا الطيبة وترديد عبارات الود والصداقة ومحبة القنصل الأول للبكوات، ولم يقطع البكوات كل صلة لهم بالوكلاء الفرنسيين لسبب واحد هو أملهم في أن تستطيع الحكومة الفرنسية التوسط لهم بنجاح لدى الباب العالي لإعادة امتيازاتهم وسلطتهم السابقة في حكومة مصر إليهم بالصورة التي كانت عليها قبل الغزو الفرنسي، وقد أوضحنا كيف أن الفرنسيين عجزوا عن تحقيق ذلك.
وأما فيما يتعلق بالسياسة الإنجليزية فقد رأينا كيف تعددت أساليب ديبلوماسية الإنجليز في القسطنطينية والقاهرة، وقد تعددت مشاريعهم من أجل إنشاء الحكومة «المملوكية» التي رأوا قيامها ضروريا للدفاع عن مصر، ثم كيف تقدموا بمشروعاتهم لتنظيم هذا الدفاع نفسه، الأمر الذي انتهى بهم إلى الاقتناع بضرورة احتلال الإسكندرية كخطوة لا غنى عنها لصد أي هجوم قد يقع على مصر من ناحية الفرنسيين.
Неизвестная страница