Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Жанры
وقد أبلغ الباب العالي موجزا لصيغة الاتفاق النهائي بينه وبين البكوات بتاريخ 26 نوفمبر 1803، إلى السفير الفرنسي، جاء فيه: «إنه لما كان بكوات القاهرة قد بعثوا بمندوب خاص عنهم إلى الباب العالي، وقدموا عرائض يلتمسون فيها الصفح عن خطاياهم السابقة جميعها بشريطة أن يقدموا الأموال - أو الضرائب - في مواعيدها دائما، المخصصة منها لخدمة الحرمين الشريفين والميري، وكل ما يطلبه «الباب العالي» وإطاعة أوامره في كل الظروف، وإرادته هي العليا؛ لذلك صدرت إرادة سنية بتاريخ منتصف شهر جمادى الآخرة سنة 1218 هجرية (2 أكتوبر 1803)، تمنحهم العفو والصفح عن كل ما ارتكبه بكوات القاهرة المذكورون من أخطاء سابقا، وتجديد لقب شيخ البلد لإبراهيم بك على شريطة أن ينفذ البكوات ما وعدوا به، وأن يدفعوا الضرائب والميري وما يلزم لخدمة الحرمين الشريفين ... إلخ. بعدم الخلط، بعذر من الأعذار بينها وبين جمارك القاهرة وغيرها من الضرائب التي يجب أن يأخذها الباب العالي كإيرادات، طبقا للإدارة الجديدة، وأن يقوموا أخيرا بتنفيذ الشروط سالفة الذكر بكل دقة.»
ومع أن الباب العالي نفى أن للإنجليز دخلا في إبرام هذا الاتفاق، فقد اعتقد السفير الفرنسي «برون» - وكان محقا في اعتقاده - أن الإنجليز توسطوا لعقده، وكتب برون لتاليران في 26 نوفمبر أنه من المشهور والمعروف لكل إنسان أن تركيا لا تقوم بواجبها كدولة محايدة باستخدامها الإنجليز من أجل المفاوضة مع البكوات، لقد نفى الريس أفندي ذلك، ولكن «علي باشا الجزائرلي» اعترف للوكلاء الفرنسيين في مصر بأنه يعرف من القنصل الإنجليزي «الميجور مسيت» أن الباب العالي استخدم الإنجليز في المفاوضة مع البكوات.
وفي الوقت الذي كان يسعى فيه «دراموند» في القسطنطينية ومن بلغراد، من أجل الوصول إلى اتفاق بين البكوات وبين الباب العالي، على أساس إرجاع سلطان المماليك السابق في الحكومة إليهم، كخطوة لا مفر منها لبقاء مصر تحت سيادة الباب العالي وفي نطاق الإمبراطورية العثمانية، وكحل يبطل مساعي الفرنسيين، ويمكن البلاد من الدفاع عن نفسها بقواتها - من المماليك والعثمانيين - ضد الغزو الفرنسي المتوقع، كان السير ألكسندر بول في مالطة يقترح مشروعا آخر يجعل لبريطانيا الإشراف الفعلي على شئون الدفاع عن مصر ضد هذا الغزو الفرنسي المتوقع، وكان مبعث مشروع ألكسندر بول، نفس الحوادث والظروف التي حركت «دراموند» للعمل وأفضت إلى اتفاق «أكتوبر-نوفمبر 1803».
فقد قدم السير ألكسندر بول مذكرة مسهبة من مالطة في 27 أكتوبر 1803 استهلها بأن الحكومة الفرنسية قد أقامت الدليل على أنها احتضنت فيما يتعلق بمصر مشروع ليبنتز
Leibnitz ، ويدرك الوزراء الإنجليز تماما ما هنالك من ضرورة لليقظة والانتباه الكاملين للحيلولة دون وقوع هذه البلاد مرة أخرى تحت سلطان فرنسا، ولما كان من المتعذر أن تصبح مصر مستعمرة فرنسية من غير استيلاء الفرنسيين على ميناء الإسكندرية، الميناء الهام الوحيد على ساحلها الشمالي، فقد صار ضروريا تحصين الإسكندرية ومينائها بدرجة تكفي لرد أي هجوم قد يقع عليها، أو مقاومة أي حصار قد يضرب عليها لبضعة شهور، ومن المحتمل جدا عند وصول هذه الرسالة إلى إنجلترا أن تكون الإسكندرية ومصر بأسرها قد صارت من ممتلكات المماليك، ولكن سواء امتلكها الترك أو المماليك؛ فإن السير ألكسندر بول يوصي باتباع نفس المبدأ.
والموقف في مصر حرج ودقيق بسبب الحرب الأخيرة بين المماليك والأتراك، ومن المنتظر وقوعها قريبا فريسة في قبضة أول غاز يغزوها، وذلك إذا امتنع الإنجليز عن تأسيس نفوذ لهم في مصر وعن إعطاء حكومتها الاستقرار اللازم، الأمر الذي يجب أن يتم مع اتخاذ الحيطة والحذر لعدم إثارة الأتراك أو أية دولة أوروبية أخرى، والمماليك يشعرون تماما بأنهم في حاجة إلى حليف يحميهم، حتى إن وجود حامية قوية بالإسكندرية من قبل دولة أوروبية سوف يكون مبعث سرور وارتياح لهم.
وهناك ما يدل على أنهم يفضلون محالفة الإنجليز؛ لأنهم يعرفون جيدا أن غرض بريطانيا العظمى من الاهتمام بأمر مصر ليس سوى منع الفرنسيين من تنفيذ مشروعاتهم لامتلاك واستعمار مصر، وهي مشروعات يعترف هؤلاء بها، ويعلنونها دون مواربة، ولا يرضون أن تكون مصر من نصيب أية دولة أخرى؛ ولذلك فهم لا يحترمون المماليك إلا إذا كان هؤلاء خاضعين لأطماعهم.
ومن المحتمل أن الحكومة البريطانية سوف ترفض وضع حامية «إنجليزية» في الإسكندرية، وإذا وافقت على ذلك فالنفقات لا تقل عن مائة ألف من الجنيهات سنويا؛ ولذلك «فالسير ألكسندر بول» يرى أنه من الممكن بنفقات أقل كثيرا من هذه الدفاع عن الإسكندرية، وذلك باستخدام جنود أجانب؛ أي من غير الإنجليز، ومن غير إثارة شعور أي دولة من الدول.
وعلى ذلك فهو يقترح تعيين رجل كفء، صاحب خلق وديع مسالم، ومن طراز يمكن الاعتماد عليه، قوي الخلق متينه؛ ليتخذ مقره بالإسكندرية، مكلفا في الظاهر بأية مهمة أو عمل آخر، ويكون مفوضا في إمداد حاكم الإسكندرية بما يكفي من مال لدفع مرتبات أربعة آلاف جندي، وعليه؛ أي هذا الرجل الكفء ... إلخ، أن يقوم بالتفتيش عليهم سرا، وأن يكون لديه أي عدد من الضباط الذين يستطيع الاعتماد عليهم، ويأخذ أكثر هؤلاء من بين فرق الجيش البريطاني الأجنبية من غير إثارة شكوك أحد ... ويمكن استخدام تاجر إنجليزي لتزويد حاكم الإسكندرية بالمال اللازم لنفقات الحامية في صورة قرض نظير إعطائه التزام الجمارك، كما يمكن في الوقت نفسه إعطاء قسم من الرسوم التي تحصلها هذه الجمارك لحاكم الإسكندرية بمقتضى اتفاق يبرم لهذه الغاية.
ويجب على المقيم الإنجليزي أن يقدم النصح للحاكم في كل الشئون المدنية ويضع قوانين وقواعد تؤمن حريات الأفراد وأملاكهم، فسوف يجد الأهلون أو السكان عندئذ أن من صالحهم تأليف قوات عسكرية أهلية أو مرابطة - ميليشيا - ومساعدة الحامية إذا هوجمت، ويجب أن يحصل الإنجليز على امتيازات تجارية لتعويض الحكومة عن نفقات الحامية وهي نفقات تدفع كذلك شركة الهند التجارية الشرقية جانبا منها؛ إذ إن الغرض الرئيس من إنشاء هذه الحامية هو أن تصبح حاجزا ضد أية دولة قد تريد إلحاق الأذى بأملاك «الإنجليز» في الهند من هذا المكان.
Неизвестная страница