Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Жанры
وكان في هذه الرسالة أن قال إلجين: «وعلى ذلك فإذا كان الأتراك لا يساهمون فيما ندركه من نجاح في عملياتنا العسكرية ضد الفرنسيين في مصر فسوف يكون من حقنا بكل تأكيد التصرف بحرية أوسع عند بحث الترتيبات التي نجد من الحكمة اتخاذها في مصر سواء فيما يتعلق منها بالحكومة العثمانية، أو البكوات المماليك أو مصالحنا البريطانية المباشرة ذاتها.»
وما إن تسلم السير جون هيلي هتشنسون
Sir John Hely Hutchinson
القيادة في مصر بعد مقتل أبر كرومبي في معركة كانوب (21 مارس 1801)، حتى بادر القائد الجديد يبين لحكومته عبث الاعتماد على الأتراك والإمبراطورية العثمانية في الاحتفاظ بمصر والدفاع عنها بعد خروج الفرنسيين منها، فكتب إلى هنري دنداس
Henry Dundas
عضو الوزارة الإنجليزية في 3 أبريل 1801 «أن الحلفاء الأتراك ضعاف ولا عبقرية لهم تعينهم على وضع الخطط وتنظيمها ولا نشاط ولا قدرة على تنفيذها، وهم إلى ذلك يسيئون الظن بأصدقائهم ويخشون من أعدائهم، ولا يمكن الاعتماد عليهم إذا تم الاتفاق معهم على عمل شيء ولا يوثق بأية وعود يعطونها.»
بل إن هتشنسون ليشك كثيرا في مقدرة الأتراك على الاحتفاظ بمصر حتى ضد بقايا المماليك وسكان البلاد الذين قال عنهم: ولو أنهم يكرهون الفرنسيين فكراهيتهم للأتراك أشد وأعظم ويرفضون بتاتا سيطرتهم، ولا أمل في استطاعة الأتراك بسط سلطانهم على هذه البلاد بسبب انحلال إمبراطوريتهم التي تسود فيها الخلافات الداخلية حتى لم يبق لحكومتها سوى مظهرها، وانتشرت الفوضى بها وصار الباشوات الحكام في شتى أملاكها مستقلين في شئونهم، ولا يفكرون في شيء غير النهب والسلب وتمكين سلطتهم في مقاطعاتهم؛ حيث يقاومون سلطة الباب العالي ولا يطيعون أوامره، وليس من المنتظر - لذلك - أن تستمر مصر في قبضة الدولة طويلا، بل سوف تسقط في يد دولة أوروبية.
ويعتذر هتشنسون عن ذكر هذه التفصيلات، ولكنه يرى لزاما عليه أن يبلغ ملاحظاته إلى حكومته حتى تتخذ الاحتياطات اللازمة ضد وقوع مصر في يد الفرنسيين مرة أخرى، وفي هذه الرسالة أثار هتشنسون للمرة الأولى مسألة استبقاء الإسكندرية في أيدي الإنجليز حتى بعد تسليم مصر للعثمانيين، فقال: إنه لا يشك في أن حكومته تدرك - تمام الإدراك - أن بقاء حاميات إنجليزية بالإسكندرية وأماكن أخرى ضروري «وإلا فإن الأتراك وحدهم سوف يعجزون عن الاحتفاظ بمصر»، وسوف تخرج هذه من أيديهم.
وكان هذا الخوف نفسه من عودة الفرنسيين إلى هذه البلاد بعد خروجهم منها ، ورسوخ الاعتقاد بعجز العثمانيين عن الاحتفاظ بمصر والدفاع عنها هو الذي جعل هتشنسون يقلب وجوه الرأي في مسألة تنظيم الحكومة المنتظرة لتسلم زمام الأمور في مصر بعد انتهاء مهمة الجيش الإنجليزي وتسليم البلاد لتركيا، فكتب في 25 أبريل سنة 1801 إلى اللورد إلجين يقول: ولو أن حكومته قد أصدرت إليه تعليماتها بعدم التدخل في شئون ممتلكات السلطان العثماني الداخلية، فقد رأى من واجبه أن يطلع الوزراء الإنجليز على رأيه في المسائل المتصلة بتنظيم شئون مصر، فصار يؤكد لهم وجود احتمال عظيم بأن الأتراك لن يستطيعوا الاحتفاظ بهذه البلاد لأسباب، منها: سوء سيرة الأتراك أنفسهم الذين لا مال ولا مؤن ولا مورد لديهم، والذين ينهبون ويسلبون ويستولون غصبا على كل ما تقع عليه أيديهم، وجندهم شراذم من الدهماء أكثر منهم جيشا بالمعنى المعروف، ومنها أن سلطان الأتراك في مصر سلطان اسمي، «ويكاد يكون كذلك من أيام الفتح الأول في عهد السلطان سليم»؛ ولذلك فإن الإنجليز «سوف يعطونه في مصر بإرجاع هذه البلاد إليه سلطة لم تكن له قط من قبل»، وفي اعتقاد هتشنسون «أن هذه السلطة الوقتية سوف تضعف سلطانه بدلا من تقويته، وإذا لم يضع الأتراك نظاما سياسيا متسقا في مصر - والأمل ضعيف في أنهم سوف يفعلون ذلك - فإنهم سوف يطردون منها مرة ثانية حتى بعد إعطائهم هذه السلطة، ويواجه الإنجليز عندئذ خطرا يظهر في محاولة إحدى الدول الأوروبية، ومن المحتمل جدا أن تكون فرنسا هذه الدولة التي سوف تبذل قصارى جهدها للاستيلاء على مصر، ولا أمل في أن يستطيع الأتراك مقاومة هذا الغزو لما هو معروف عن نظامهم وجيشهم.»
ثم استطرد هتشنسون يقول: «وأخشى أن مصر سوف تصبح مبعث ارتباكات ومتاعب لنا أكثر مما ندركه، وإذا تمكنت فرنسا من الاحتفاظ بسيطرتها التي نالتها في القارة «أوروبا» فسوف يصبح عسيرا منع مصر من الوقوع في قبضتها، والاحتمالات عديدة لوقوع هذا الحادث إذا أخذنا بعين الاعتبار قبل كل شيء حاجة تركيا في حالة ضعفها الراهنة إلى حام يحميها، وليس هناك سوى فرنسا للقيام بهذا الدور؛ لما لها من مصلحة طبيعية وقوية أكثر من غيرها لتصبح هي هذا الحامي. ففرنسا تريد أن تسند هذا البناء المتداعي؛ أي تركيا حتى تمنع دولة أكثر نشاطا وحيوية من امتلاك تجارة الليفانت وحرمان فرنسا مما كان بمثابة أكبر مورد نافع لتجارتها في وقت من الأوقات.»
Неизвестная страница