Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)

Мухаммед Фуад Шукри d. 1392 AH
181

Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Жанры

فبادر المسئولون والمشايخ على الفور بإرسال عدة من المقاتلين في هذا اليوم نفسه، ثم إنهم كتبوا مكاتبات إلى البلاد والعربان الكائنين ببلاد البحيرة يدعونهم للمحاربة والمجاهدة، وفي اليوم التالي (8 أبريل) اطمأن خاطر «دروفتي» عندما صحب السيد عمر مكرم والقاضي والمشايخ والأعيان ونزلوا جميعا إلى ضاحية بولاق لترتيب أمر الخندق الذي تقرر إصلاحه في اجتماع اليوم السابق، وذكر الشيخ الجبرتي أن «دروفتي» هو الذي أشار عليهم بذلك، وقد صحبهم في خروجهم هذا الجمع الكثير من الناس والأتباع والكل بالأسلحة، وشرعوا في نفس اليوم في حفر الخندق المذكور ووزعوا حفره على مياسير الناس، وأهل الوكائل والخانات والتجار وأرباب الحرف والروزنامجي، وجعلوا على البعض أجرة مائة رجل من الفعلة، وعلى البعض أجرة خمسين وعشرين، وكذلك أهل بولاق ونصارى ديوان المكس والنصارى الأروام والشوام والأقباط، واشتروا المقاطف والغلقان والفئوس والقزم وآلات الحفر وشرعوا في بناء حائط مستدير أسفل تل قلعة السبتية.

ولكن في اليوم الذي بعث فيه علي بك السنانكلي وبونابرتة الخازندار رسالتهما الآنفة بتاريخ 3 أبريل، كان «فريزر» قد سير حملة ثانية ضد رشيد في ظروف سوف يأتي ذكرها، وشرع الإنجليز في حصارها، فأرسل السيد حسن كريت نقيب الأشراف برشيد والمشار إليه بها كتابا إلى السيد عمر مكرم تسلمه هذا في القاهرة يوم 9 أبريل، جاء فيه «أن الإنجليز لما وقع لهم ما وقع برشيد ورجعوا في هزيمتهم إلى الإسكندرية، استعدوا وحضروا إلى ناحية الحماد قبلي رشيد ومعهم المدافع الهائلة والعدد، ونصبوا متاريسهم من ساحل البحر إلى الجبل عرضا وذلك ليلة الثلاثاء ثامن عشرينه (28 محرم 1222 الموافق 7 أبريل 1807)، فهذا ما حصل أخبرناكم به، ونرجو الإسعاف والإمداد بالرجال والجبخانة والعدة والعدد وعدم التأني والإهمال.» ويبدو أن السبب في تحول السيد حسن كريت عن مؤازرة الإنجليز في هذه المدة أنه صار بعد هزيمتهم الأولى لا يثق في قدرتهم على الاستيلاء على رشيد، لا سيما وأن حاكمها علي بك السنانكلي كان يبذل همة عظيمة في الدفاع عنها، وأبدى الأرنئود وسائر الجند بها استخفافهم بعمليات الإنجليز بعد أن ذاقوا طعم الانتصار عليهم، وفضلا عن ذلك فإن الشيخ بعد أن أظهر صداقته للإنجليز في المرة الأولى واطمأن إلى وثوق هؤلاء به واعتبارهم إياه من أصدقائهم، رأى من حسن السياسة الآن، وكما تصور هو وغيره من مشايخ الوقت حينذاك هذه السياسة الحسنة، أن يتمسك أو يتظاهر كذلك بولائه لحكومة الباشا، حتى إذا جاءت النجدات فعلا من القاهرة، وانهزم الإنجليز في هذه المرة أيضا، ظل مرضيا عنه، واحتفظ بثروته وجاهه، وأما إذا لم تأت النجدات واستولى الإنجليز على البلدة، استأنف سيرته معهم، ووجد في الوقت نفسه حجة في طلبه للنجدة وعدم وصولها، يستند عليها في تسويغ مسلكه مع العدو المحتل لبلده.

وأما كتاب حسن كريت فقد قرأه السيد عمر النقيب على الناس، وحث السيد الناس على التأهب والخروج للجهاد، فامتثلوا لأمره، ولبسوا الأسلحة، وجمع عمر مكرم إليه طائفة المغاربة وأتراك خان الخليلي، وكثيرا من العدوية والأسيوطية (ومن المعروف أن أسيوط مسقط رأسه) وأولاد البلد، وبلغ الحماس من السيد عمر للخروج في قتال الإنجليز ونجدة أهل رشيد مبلغا عظيما فركب في صبحها (10 أبريل) إلى كتخدا بك واستأذنه في الذهاب، ويبدو أن مسألة الخطاب الذي كان قد كتبه قنصل روسيا والنمسا العام في مصر «ماكاردل» إلى «مسيت» والقواد الإنجليز بالإسكندرية بناء على رغبة عمر مكرم، وقال يوسف عزيز إن الحكومة قد صادرته كانت لا تزال ماثلة في ذهن كتخدا بك، ولو أنه كان يجهل دور عمر مكرم في هذه المسألة، فقد رفض أن يسمح له بالذهاب إلى الجهاد المنشود، وقال حتى يأتي أفندينا الباشا ويرى رأيه في ذلك، فبقي عمر مكرم بالقاهرة ثم سافر من سافر وبقي من بقي، وفي اليوم التالي (11 أبريل) وردت مكاتبة من علي بك السنانكلي وأحمد أغا بونابرتة الخازندار وطاهر باشا بمعنى مكتوب السيد حسن كريت السابق، ويذكرون فيه أن الإنجليز ملكوا أيضا كوم الأفراح وأبو منضور ويستعجلون النجدة.

ولكن في تلك الليلة - 11 أبريل 1807 - وفي ساعة متأخرة وصل محمد علي باشا ودخل إلى داره بالأزبكية فلما طلع نهار ذلك اليوم ذهب عمر مكرم والمشايخ ورجال الحكومة للسلام عليه في داره ودار بينهم الكلام في أمر الإنجليز، وأظهر الباشا سخطه على أهل الإسكندرية والشيخ المسيري وأمين أغا حيث مكنوا الإنجليز من الثغر وملكوهم البلدة، ولم يقبل لهم عذرا في ذلك، ومما يجب ذكره أن الباب العالي نفسه ساورته الشكوك في مسلك أمين أغا ومضالعته مع الإنجليز هو وغيره من المسئولين في الإسكندرية، فقد كلف الريس أفندي - غداة وصول أخبار تسليم الإسكندرية إلى القسطنطينية - ترجمان الباب العالي بإبلاغ «سباستياني» السفير الفرنسي بها في 19 مايو 1807، أن محمد علي عندما علم أن أسطولا إنجليزيا يحمل جنودا بريين قد تقدم نحو شواطئ مصر ليحاول إنزال هؤلاء الجنود إلى البر، أرسل قوة من الجند لتعزيز حامية الإسكندرية، ولكن أمين أغا قبطان الكريتلي حاكم المدينة رفض هذه النجدة، وأرجع باحترام جند محمد علي قائلا: إنه ليست له حاجة بهم، وفي أثناء ذلك أنزل أسطول إنجليزي جندا في أبي قير ثم آخرين بعد ذلك عند قرية العجمي ثم أحاط بالإسكندرية، وعندئذ عقد أمين أغا مجلسا مع رؤساء البلد ثم أرسل مفاوضا إلى الجيش الإنجليزي الصغير، وسلم المدينة مع الحصن تسليما إلى الإنجليز؛ أي من غير مقاومة، وقد حدث هذا حوالي منتصف مارس، ومن المحتمل أن الحكام والقواد بالإسكندرية كانوا متفاهمين مع الإنجليز، الأمر الذي يفسر رفضهم للنجدات التي عرضها عليهم محمد علي باشا.

ومهما يكن من أمر، فقد وجب الآن تدبير الوسائل التي يمكن بها إنقاذ رشيد وإرسال النجدات إليها، وقد أبدى المجتمعون بالباشا رغبتهم في الخروج جميعا للجهاد مع الرعية والعسكر لا سيما وأن الرعية كانوا على قدم الاستعداد للخروج، بعد أن أمرهم السيد عمر مكرم بحمل السلاح، وجمع حوله طوائف كثيرة لهذا الغرض، على نحو ما سبقت الإشارة إليه، ولكن الباشا رفض ذلك وقال: «ليس على رعية البلد خروج وإنما عليهم المساعدة بالمال لعلائف العسكر»، ثم أمر كتخدا بك «طبوز أوغلي» وحسن باشا بالخروج في اليوم نفسه لنجدة رشيد والاشتباك مع الإنجليز، فأخرجوا مطلوباتهم وعازتهم إلى بولاق، وفي المساء طلب الباشا السيد عمر في وقت العشاء الأخيرة، وألزمه بتحصيل ألف كيس لنفقة العسكر وأن يوزعها بمعرفته.

وفي 14 أبريل كتب «دروفتي» إلى «سباستياني» أنه قابل الباشا عقب عودته إلى القاهرة وتباحث معه في الموقف في مصر مدة ساعتين، فدار الكلام بينهما حول مفاوضات الباشا الأخيرة مع بكوات الصعيد، وحول الاستعدادات اللازمة لدفع عدوان الإنجليز، فقال «دروفتي» إنه علم أن المفاوضات بين محمد علي وإبراهيم بك وسائر زملائه لم تسفر عن شروط نهائية، وأن الاتفاق كان على الشروط المبدئية فحسب، ومؤداها أن البكوات لا يتحالفون مع الإنجليز، وعند الضرورة يحملون السلاح ضدهم؛ أي يقاتلونهم، وأن يحتل البكوات الصعيد في نظير دفع الميري لخزينة الدولة، ثم قال «دروفتي»: «والباشا مخلص فيما تعهد به، وقد سحب جنده من الأماكن المحصنة في الصعيد، واحتل المماليك هذه الأماكن التي أخلاها العثمانيون، ومن المنتظر حضور إبراهيم بك إلى الجيزة حتى يمكن بواسطة العلماء والمشايخ عقد المعاهدة النهائية، ويعتقد محمد علي أن البكوات لا ينضمون إلى الإنجليز، وأنهم حتى إذا فعلوا هذا فإن جميع الأرنئود العثمانلي الذين في خدمتهم سوف يتركونهم حينئذ»، ثم استطرد «دروفتي» يقول: «وقد بادر الباشا فور وصوله باتخاذ الوسائل اللازمة لإرسال الجند مع كتخدا بك إلى رشيد التي يحاصرها الإنجليز، ومحمد علي يعمل في إنشاء خط من التحصينات الخارجية لحماية بولاق والطريق الممتد منها إلى القاهرة»، ثم أكد أن المشايخ وتبعا لذلك - كما قال - الأهالي يبدون روحا عالية طيبة، وقد اتخذ الباشا كل ما يمكن من تدابير لتكذيب دعوى القائد الإنجليزي الذي يقول: إن فتح مصر لا يكلف مشقات أكثر مما يكلفه فتح «بينوس أيرس»

Buenos Aires

بالأرجنتين - وكان الإنجليز قد بعثوا بحملة إلى أمريكا الجنوبية استولت على «بينوس أيرس» في يونيو 1806 ولكنهم لم يلبثوا أن فقدوها في فبراير من العام التالي - وختم «دروفتي» رسالته بقوله: «إن الباشا يبدي عواطف طيبة نحو الإمبراطور نابليون وفرنسا»، وأشار «دروفتي» على محمد علي بضرورة حشد جميع قواته الموجودة منها في القاهرة ومصر الوسطى والصعيد وتسييرها بأقصى سرعة ضد الإنجليز قبل أن يتمكن هؤلاء من تثبيت أقدامهم في الوجه البحري، وراح يضرب الأمثال لتأييد وجهة نظره بما فعله بونابرت عند نزول العثمانيين في أبي قير في يوليو 1799، فقد جمع هذا في مكان واحد كل قواته المنعزلة عن بعضها بعضا، فانتصر بفضل ذلك على جيش الصدر الأعظم في معركة أبي قير البرية (25 يوليو 1799)، كما فقد «منو»

Menou

مصر؛ لأنه خالف هذه الخطة، فوزع قواته في أماكن متعددة، واقتنع الباشا برأي «دروفتي» وشرع يجمع الجند تهيؤا لإرسالهم ضد الإنجليز.

Неизвестная страница