Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)

Мухаммед Фуад Шукри d. 1392 AH
155

Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Жанры

واستهول «مسيت» نتائج ما حاق من فشل بكل مساعيه لإقصاء محمد علي عن الولاية فراح يعزو - في رسالته إلى «أربثنوت» في 25 سبتمبر - هذا الفشل إلى نشاط «دروفتي» فقال: «إنه لما كان غرض الحكومة الفرنسية تقوية روح الخلاف والشقاق والحيلولة دون تنفيذ أية خطة تعيد السلام والهدوء إلى مصر، فقد أظهر الوكيل الفرنسي نفسه منذ وصول القبطان باشا صديقا لمحمد علي ومناصرا لقضيته، وحصل منه الأخير على معلومات صحيحة عن قوة القبطان باشا، ولم يمتنع ضباط القبطان باشا عن الإفضاء إليه بمعلومات خاصة عن نوايا سيدهم السليمة، وتسنى للوكيل الفرنسي أن ينصح محمد علي بأن في وسعه أن يضرب صفحا عن تهديدات القبطان العالية والتي في الحقيقة لا قيمة لها في حالة ما إذا كان قد صح عزمه على إخلاء مصر وتركها.» ثم استطرد يقول: «ولما كان المفهوم عموما أن محمد علي سوف يتثبت في الولاية، فقد صار الحزب الفرنسي يدعي الفضل لنفسه في ذلك، ومن المحتمل أن يستطيع هذا الحزب التأثير عليه بأنه من غير تأييدهم له لن يجديه نفعا ما بذله من مال بسخاء لرجال الديوان العثماني.» ولانبثاث هذه الفكرة في ذهن محمد علي آثار سوف تصعب إزالتها في المستقبل، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن البريطانيين لأسباب وظروف منوعة يعدون حماة المماليك عموما والألفي بك خصوصا، ووجه الغرابة في هذه الأقوال أن «مسيت» نسي أنه هو نفسه كان كذلك من بين الذين أبلغوا سرا محمد علي أن الباب العالي لا ينوي تنفيذ النقل إلى سالونيك بالقوة الجبرية.

وأما آثار هذه الحملة الشديدة التي حملها «مسيت» على الباشا بسبب استعلاء نفوذ الوكلاء الفرنسيين لديه وتوهم القنصل الإنجليزي أنه صار مبيعا لهم، فقد ظهرت بوضوح عندما صار رجال السفارة الإنجليزية بالقسطنطينية يعتقدون هم كذلك أن بقاء محمد علي في باشويته لا نتيجة له سوى تعزيز النفوذ الفرنسي في مصر وتمهيد الطريق للفرنسيين لغزوها، فكتب «أربثنوت » إلى «فوكس» في 8 سبتمبر يرسل إليه خطابي «مسيت» له بتاريخ 31 يوليو و3 أغسطس عن حوادث إذاعة محمد علي نبأ تثبيته في ولاية مصر، وانتصار الألفي عليه في معركة النجيلة وموقف موسى باشا، وتعليق «مسيت» بشأن الأخطار التي تنجم عن تثبيت محمد علي في الولاية ثم يقول: «وأما فيما يتعلق بالإجراءات التي يريد الباب العالي اتخاذها بالنسبة لمصر فليس لدي أية فكرة عنها، ولكن في ظني أن أي إجراء سوف يتخذ لا يكون من أثره إعادة تأسيس سلطان الباب العالي في هذه البلاد»، وعندما أبلغ «أربثنوت» في 29 سبتمبر أن الباب العالي قد قرر تثبيت محمد علي في منصبه، كتب في اليوم التالي إلى وزير خارجيته: «إن هذا الترتيب الجديد سوف يعود بنفع عظيم للغاية على الحزب الفرنسي، بينما ذهاب محمد علي لو أنه حدث لكان قد أفضى على نحو ما أعرف من الميجور «مسيت» إلى تحطيم نفوذهم (أي الفرنسيين) في مصر.»

ولقد ظهر عجز «مسيت» والتواء أساليبه؛ عندما ترك هو الآخر الفرصة تفلت من يده للوصول إلى اتفاق بين الألفي ومحمد علي، يكفل لحليفه الاستقرار والهدوء في وقت كان الألفي أشد ما يكون فيه حاجة إلى هذين بعد أن استنفد قوته حصار دمنهور، واتضح بسبب امتناع بكوات الصعيد عن الاتحاد معه أن عليه وحده تقع تبعة مواصلة النضال ضد محمد علي، فقد أوضحنا فيما سبق كيف أن الألفي عندما أدرك أن القبطان باشا قد تخلى نهائيا عن قضيته صار يريد الاتفاق مع محمد علي حتى يكسب فسحة من الوقت تمكنه من تقوية نفسه، وطلب وساطة «مسيت» في هذه المسألة، فإن «مسيت» بدلا من السعي جديا لعقد هذا الاتفاق بين الطرفين، عمل على تعطيله متعللا بأن هذا الاتفاق يبعد الألفي عن ميدان العمليات العسكرية المقبلة ويحرم الإنجليز عند مجيء جيشهم إلى الإسكندرية من معاونة فرسان الألفي لهم، ونظر إلى وساطته في هذه المفاوضة التي طلبها كل من الألفي ومحمد علي كوسيلة معطلة لنفوذ الوكلاء الفرنسيين لدى البكوات ولدى محمد علي معا، ونافعة من ناحية أخرى في زيادة سمعة بريطانيا، ثم إنه حتى يبرر هذه السياسة التي لا شك في أنها كانت خاطئة، راح يقول - في رسالته إلى «أربثنوت» في 29 سبتمبر - ما معناه أنه لا يثق في وعود الألفي ، ويرفض لذلك أن يكون على عاتقه ضمان أي اتفاق يحصل بينه وبين محمد علي، ولقد كان هذا كشفا غريبا من جانب رجل سياسة يبني كل مشاريعه على مؤازرة حليف لم ينجرف لحظة عن الطريق الذي رسمه لنفسه وهو الصداقة لبريطانيا.

ويزيد من هذه الغرابة أن «مسيت» كان يعلم تماما أن لا أمل ولا رجاء في انحياز أحد البكوات غير الألفي إلى تأييد مصلحة بريطانيا؛ فمسيت نفسه هو الذي كتب إلى «وندهام» منذ 8 سبتمبر أن خطابات من الحكومة الفرنسية قد وصلت عن طريق «تريستا» إلى عثمان بك البرديسي ردا على كتاب هذا الأخير إلى بونابرت من جملة شهور مضت، وأن الغرض من هذه المراسلات إنما هو طلب المساعدة من الحكومة الفرنسية ووعد هذه بإعطائها للبكوات؛ لأن هؤلاء يدركون تماما أن عودة سلطتهم السابقة إليهم أمر لا يمكن أن يحدث من غير تدخل دول أوروبية، وزد على ذلك أن «مسيت» لم يبذل أي جهد لكسب بكوات الصعيد إلى جانبه، واكتفى باعتبارهم مبيعين لفرنسا مثلهم في ذلك مثل محمد علي، فهو يذكر لوندهام أن عثمان البرديسي - وهو منافس خطر للألفي ويهمه أن يجرده من تأييد «مسيت» له - قد بعث إليه برسائل تفيض مودة، بل ويستفسر عما إذا كان الجنرال «ستيوارت» سوف يأتي إلى مصر ثانية، ثم يطرح «مسيت» هذا الموضوع جانبا واصفا مساعي البرديسي هذه بأنها من أساليب الخداع التي يلجأ إليها جريا على عادته معه! وهكذا اضطر «مسيت» بعد أسابيع من هذا الحادث إلى الشكوى لوندهام (في 29 سبتمبر) من أن إبراهيم بك وعثمان البرديسي قد أوفدا من مدة مملوكا اسمه أحمد كاشف إلى مرسيليا، وقال «مسيت»: «إن هذا المملوك قد غادر مصر من حوالي ستة شهور مضت بدعوى الذهاب إلى القسطنطينية لإنجاز بعض الأعمال الخاصة به .»

بل ويبدو أن الغرور وقصر النظر السياسي قد أعميا بصيرة «مسيت» في مسألة الوساطة بين الألفي ومحمد علي حتى إنه راح يزعم لأربثنوت أن من مزايا وساطته هذه المضللة لحليفه الألفي ولخصمه محمد علي معا، إذا اتضح أنه كان أداة سلام، ونجحت المفاوضة بطبيعة الحال بفعل خارج عن إرادته، نال شكر محمد علي وعرفانه لجميله، وبطل انحياز هذا الأخير إلى فرنسا؛ لما لديه الآن من خوف طبيعي من أن يحرض «مسيت» البكوات على الثورة ضده فيتسبب في خلق المتاعب والمصاعب له، تلك التي قال «مسيت»: إن مهمته هي إقناعه بأنه لا يستطيع الخلاص منها من غير مساعدته.

أما وقد جاء الططر بعد ذلك يحملون نبأ تثبيت محمد علي في ولايته نهائيا، وانهارت كل آمال «مسيت» فقد صار لا يجد وسيلة عندئذ لتفادي هذه الكارثة في نظره سوى تكرار تحذيراته لوزير الحربية من تعرض البلاد بسبب ذلك لخطر الغزو الفرنسي، ثم وجد في رفض البكوات لعروض الباب العالي عليهم إقطاعهم بعض أقاليم الصعيد التي يملكونها فعلا، معززا لما ذهب إليه وأفصح عنه لوندهام في 7 أكتوبر من بقاء مصر في تلك الحال الدقيقة وغير المستقرة التي تجعلها معرضة لهذا الغزو، وقد ظهر نفاق «مسيت» في هذه الأزمة عندما تأكد لديه أن الباب العالي قد ثبت محمد علي في ولايته، فكتب إلى يوسف عزيز في أكتوبر 1806 يكلفه بانتقاء مجوهرات هدية لمحمد علي وإبلاغه تهنئته، على نحو ما سبق ذكره في موضعه.

ولعل أقسى هزيمة مني بها «مسيت» نتيجة تضليله لحليفه الألفي في مسألة الاتفاق الذي وسطه فيه بينه وبين محمد علي، أن الألفي اضطر إلى رفع الحصار عن دمنهور والانسحاب من البحيرة في طريقه إلى الصعيد؛ أي الابتعاد عن ميدان العمليات العسكرية المنتظرة عند نزول الحملة الإنجليزية، ثم دخول بكواته في المفاوضة مع «روشتي» لطلب وساطة روسيا في صالحهم لدى الباب العالي - وهي مفاوضات تقدم ذكرها - أطلعه «البطروشي» عليها في رسالته إليه منذ 23 نوفمبر 1806، وراح «مسيت» يخفي انهزامه تحت وابل من المطاعن على «روشتي»، ويبدي تشككه بل اعتقاده بأن هذا الأخير إنما أقدم على مفاتحة بكوات الألفي في هذه المسألة من تلقاء نفسه ودون أن تكون لديه تعليمات بذلك من حكومته، ثم صار يؤكد - كما رأينا في رسالته إلى «أربثنوت» في 26 نوفمبر - أن الألفي نفسه يجهل نشاط شاهين بك في موضوع هذه الوساطة، مع العلم بأن شاهين عضد الألفي وساعده الأيمن، وقد تولى زعامة الألفية بعد وفاة كبيرهم، ومع أن وفاة الألفي كانت قمينة بأن تصدم «مسيت» الذي أدخل في حسابه دائما الاعتماد على الألفي وفرسانه في إنجاح حملة الإنجليز المنتظرة، فقد كان كل تعليقه على هذا الحادث أنه لا يدري سبب الوفاة الحقيقي، وأنه يبغي معرفة آراء شاهين بك خليفة الألفي من حيث تمسكه بالمسلك الذي سلكه سلفه مع الإنجليز والعمل منفردا عن سائر البكوات أو الاتحاد معهم، وكانت نتيجة حتمية ولا شك تلك التي أسفرت عنها مساعي «مسيت» مع شاهين بك، عندما كتب إليه هذا الأخير كتابا وصله في 13 فبراير 1807 جعل «مسيت» يعلق عليه بقوله في رسالته إلى «أربثنوت» في 8-14 فبراير 1807: «ومع أنه لا يوجد أدنى شك في أن شاهين بناء على تحريض «روشتي» له قد طلب مساعدة روسيا، فإنه لمما لا يزال يدعو إلى الارتياح (!) أن نراه يريد الإبقاء على علاقات المودة والصداقة التي كانت بيننا وبين الألفي، ويعقد آمالا كبيرة على ثقته في حماية بريطانيا له.» ثم يذكر في رسالة أخرى، في هذه المرة إلى حاكم مالطة السير «ألكسندر بول» أما في 14-15 أو 16 فبراير أنه قد وصله كتاب من شاهين بك يقول فيه إنه يريد الآن الانضمام إلى سائر البكوات في الصعيد، وأن يعود بعد ذلك لحصار القاهرة! وأما شاهين فقد كتب إلى «مسيت» في 2 فبراير 1807 يبلغه خبر وفاة محمد بك الألفي الذي قال عنه إنه لما وصل إلى دهشور كان في صحة جيدة وروح عالية؛ حيث إنه كان قد انتصر على محمد علي وجيشه انتصارا باهرا في المنصورية لم يلبث هذا بعده أن انسحب إلى قرية كفر حكيم ، وانتظر الألفي عبثا خمسة أيام بتمامها أن يخرج العدو منها حتى يلتحم معه ثانية، ثم استأنف سيره إلى دهشور حيث توفي بها فجأة، واختير شاهين رئيسا للألفية، وتحدث شاهين عن أغراض جماعته فقال: «إن غرضنا الآن هو الذهاب إلى والدنا إبراهيم بك وسائر البكوات بالصعيد، وسوف نعمل جادين بالاتحاد معهم من أجل استرجاع أملاكنا وانتزاعها من أيدي الأرنئود، تبعا لتعليمات سلطاننا المعظم أبقاه الله ورعاه - وبمشيئته تعالى سوف نتمكن في خلال هذا الشهر من تحقيق غرضنا ونيل مأربنا.» ثم رجاه أن يبلغ السفير الإنجليزي بالقسطنطينية ألا يصدق ما يترامى إليه من أنباء كاذبة قد يروجها أعداء شاهين ويعد أنه بمجرد وصوله إلى الصعيد وانضمامه إلى البكوات القبالي، سوف يجري إعداد عريضة من جانب البكوات إلى الباب العالي، ويرسلها هؤلاء إلى «مسيت» حتى يبعث هذا بها إلى السفير، واختتم شاهين كتابه برجاء «مسيت» الاستمرار على إسداء العون لهم كما كان يفعل مع الألفي وأن يكتب إليهم، ويؤكد له أنه سوف يسعدهم دائما أن يؤدوا له كل ما يمكنهم من خدمة.

وهكذا كانت الحقيقة الواضحة - بالرغم مما احتواه خطاب شاهين من عبارات الود والصداقة للوكيل البريطاني، والوعد بإسداء الخدمة التي قد يريدها «مسيت» من البكوات أن جماعة الألفي آثرت الانسحاب إلى الصعيد، بدلا من انتظار مجيء الحملة الإنجليزية؛ وعلى ذلك لم تجد هذه الحملة عند حضورها بعد شهر واحد من تاريخ وصول هذه الرسالة إلى «مسيت» أحدا من مماليك الألفي أو أجناد شاهين لاستقبالها.

حقيقة أثمرت جهود «مسيت» في الإسكندرية لأسباب سوف نذكرها في موضعها أفضت إلى تسليم هذه دون مقاومة، ولكن محمد علي باشا مصر وصاحب الحكم فيها كان قد صح عزمه على رد هذا العدوان بالقاهرة، ولم يجد «مسيت» بالرغم من نشاطه ونشاط وكلائه سوى أفراد قلائل معدودين رغبوا فعلا في مناصرة الإنجليز أو رضوا عن غزوهم.

تلك إذن كانت آثار السياسة الخاطئة والملتوية التي مضى فيها «مسيت» بإصرار وعناد لتحطيم حكومة محمد علي، حتى يتحطم بذلك نفوذ فرنسا في مصر، ولتأسيس الحكم المملوكي حتى يتمهد بذلك احتلال البريطانيين لهذه البلاد؛ وعلى ذلك فإنه بدلا من أن تتهدم المصالح الفرنسية أو يقضى على النفوذ الفرنسي في مصر في هذه الفترة أحرز هذا النفوذ تفوقا كبيرا أخذ يقوى تدريجا حتى بلغ ذروته أيام الغزو البريطاني في عام 1807، وكان سبب هذا إنما هو السياسة الحكيمة التي سار عليها «دروفتي» ثم نائبه «مانجان» في القاهرة. (2) سياسة «دروفتي» «برناردينو» (أو برناردان) ميشيل ماري «دروفتي»،

Неизвестная страница