ويقول هيرودوتس: «هذا العجل أبيس تضعه بقرة ثم عقب ولادته تعود عاقرا لا تلد، ويقول المصريون إن شعاعا من النار «النور» ينزل عليها من السماء فتحمل هذا العجل».
وهذه العجول يكشف عن مومياءاتها في أرمنت الآن، وسوف نعرف منها شيئا بل أشياء كثيرة عن هذا المنطق البدائي الذي جعل الإنسان الأول يقدس البقرة وابنها كما يقدسهما الهنود الآن، كما جعله ينسب صفات خاصة لآلهة لا تزال حية في العقائد الحديثة.
زهرتا البردي واللوتس
قال الأستاذ بتري: «العالم مدين في زخارفه للمصريين الذين أوجدوا أول مدنية على الأرض».
وقد بدأ الفن المصري أشكالا بسيطة كالخطوط والدوائر ومعظمها يمثل زهرتي اللوتس والبردي، ثم أخذ الرسامون رويدا رويدا يزيدون ويوازنون وينقحون في أشكال هاتين الزهرتين حتى أوجدوا مئات الأشكال الزخرفية التي أخذتها الأمم الأخرى.
زهرة البردي في أعلى وزهرة اللوتس في أسفل.
ولقد تعد زهرة اللوتس في فن الزخرفة المصرية القديمة من أهم الوحدات المشهورة في هذا الفن، وقد عم استعمالها في آثار المصريين، حتى لتكاد أن تكون رمزا عليهم، ولم يقتصر اتخاذها للزخرف في مصر وحدها بل إنها سرت إلى الأقطار التي كانت تجاور مصر في العهد القديم، فوجد لها أثر في غالب فنون الأقطار الأخرى، وهذا الأثر كان على الدوام تابعا لما عرف عنها في مصر، بحيث إن التنقيح الذي يأخذ به الرسام المصري كان ينقله عنه الرسامون في الأقطار الأخرى.
وقد ظهرت هذه الزهرة في الزخارف القديمة أي قبل الأسر الفرعونية ثم في التيجان ورءوس الأعمدة، وقد أكثر المصريون من التفنن في أوضاعها وهي مفردة أو مع ساقها أو كانت ترسم إلى جوار زهرة البردي بحيث تتناوبان الزينة واحدة بعد أخرى.
واللوتس هو الذي يعرف باسم البشنين الآن أو أن هذا النبات نوع منه، أما البردي فلا ينبت في مصر ولكنه منتشر الآن في أعلى النيل، والبردي هذا هو الذي كان يصنع من سيقانه ورق الكتابة عند أسلافنا من وريقتين ملتفتي الأطراف اليمني واليسرى، وفي وسطهما وريقة ثالثة كأنها ترى بأصول المنظور، فكان هذا الوضع في الزهرة أقرب إلى أن يجعلها شبيهة بالزنبق، حتى إن كثيرا من العلماء في بادئ الأمر ظنها كذلك، ثم زاد المصريون على ذلك الوضع بأن جعلوا الوريقة الوسطى أكثر من واحدة، وأن مدوها إلى أطول من الأخريات، وأكثروا منها حتى أخذت شكل «المروحة».
ويمكن القارئ بالنظر إلى الصورتين الطبيعيتين لزهرة البردي وزهرة اللوتس في الرسم الأول أن يميز الرسوم التالية فيجد فيها تنقيحا للأولى أو الثانية.
Неизвестная страница