وليس في العالم الآن رجل يمكنه أن يضارع برستد في سعة ثقافته ونزاهته العلمية، ومع ذلك يقول هذا العالم: «لقد ثبتت هذه الحقيقة العلمية ثبوتا نهائيا وهي أن الحضارة نشأت أولا في مصر». •••
هذا التاريخ المصري القديم يجب أن ندرسه؛ لأننا بدرسه نغذو وطنيتنا بأحسن ما تغذى به، وهو الحقائق الحقة التي تبعث في نفوسنا الكبرياء الوطنية وتحثنا على أن نستعيد مركزنا للقيادة في الحضارة كما كان أسلافنا.
وهذا الدرس يغذو غيرتنا للإصلاح، فإننا نحن الذين اخترعنا الكتابة والقراءة للعالم يجب ألا نترك فلاحنا يجهلهما بعد ستة آلاف سنة من اختراعهما، ونحن الذين أكثرنا الطعام بالزراعة يجب ألا نجيع الفلاح أو العامل المصري في عصر قد شبع فيه جميع الناس بعد ثمانية آلاف سنة من اختراعها، ونحن الذين بنينا أول منزل سكنه إنسان يجب أن نبني المنازل للمصريين الذين يعيشون في مباني لا يرضى الأوروبي أن يدفن فيها موتاه فضلا عن أحيائه.
مصر التي اخترعت الحضارة يجب أن تتقدم جميع الأمم في هذا الميدان ويجب ألا تسمح لأحد لأن يردها إلى الهمجية.
البقرة والقمر والعجل
عندما ننظر نظرة التحليل للأديان المصرية القديمة يجب أن نعتبر ثلاثة اعتبارات: (1)
أن هذه الأديان كانت في نشأتها عقائد بدائية يحاول بها الإنسان الذي اهتدى إلى الزراعة أن يفسر بها مظاهر الكون بأبسط ما يصل إليه خياله. (2)
أن الغاية الأساسية التي قصد إليها من هذه العقائد هي إطالة عمره.
البقرة المقدسة في مصر القديمة وبين قرنيها القمر، وهي الأصل لتقديس البقر في الهند. (3)
أن الزراعة بطبيعة اهتداء المصري القديم إليها كانت اكتشافا عظيما عنده وكانت محور نشاطه وآماله.
Неизвестная страница