118

Mishkalat Al Thaqafa

مشكلة الثقافة

Исследователь

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Издатель

دار الفكر

Номер издания

١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م ط٤

Место издания

دمشق سورية

Жанры

وبكلمة واحدة: فإن العالم يعيش الأزمة الأوربية، إنه يعيشها سياسيًا وفكريًا واقتصاديًا وإلى حد ما أخلاقيًا؛ وإذن فتعريف الثقافة الإفريقية لا يكون دون أن نأخذ في حسابنا هذا العنصر الأساسي للأزمة العالمية التي هي (الحالة Le cas) الأوربية. ولاشك أن النخبة الإفريقية ستجد نفسها حيال هذه (الحالة) أمام إحدى مهماتها، التي تتطلب منها قسطًا أوفر من الصفات الأخلاقية، بقدر ما تحتاج إلى الصفات الفكرية، وبكلمة أخرى كل الصفات التي يحتاجها الطبيب الصالح. والسير في معالجة حالة ما يقتضي دراسة مرضية وأخرى علاجية. فإذا كانت الدراسة الأولى سهلة التحديد فإنه من الصعب تحديد الأخرى، لأن السير في العلاج يتوقف نجاحه على المريض نفسه أي على أوربا، فأوربا تعيش في عالم كوَّنه علمها، غير أن ضميرها لا يعلمه تمامًا، لأنها تجهل فيه مسألة رئيسية، تجهل الإنسان الذي اعتادت أن تنظر إليه حتى الآن على أنه من أبناء المستعمرات. فإذا ما أراد الضمير الأوربي أن يجدد بناءه فإن عليه أن يبدأ فترة من التدريب المؤلم القاسي، شأنه في ذلك شأن أي عضو فقد صلاحيته. يجب على هذا الضمير أن يشعر في العالم الذي سيطرت عليه أوربا بوجود الآخرين، ومهمة النخبة الإفريقية إزاء ذلك أن تسهم في ترويضه على صلاحيته تلك بأقل ألم ممكن؛ ولاشك فإن الذي يسهل قيامها بهذه المهمة أن تكون قد قامت بمهمتها الأولى، فبقدر ما ترتفع بالجماهير الإفريقية إلى مستوى الحضارة فإنها ترتفع بالضمير الأوربي إلى مستوى الإنسانية، لتضع أمامه صورة صحيحة عن الرجل الذي يعده الاستعمار شيئًا تافهًا، فالمهمتان مترابطتان ونتائجهما الاجتماعية والنفسية متلازمة، فكل ما سوف يحضر الرجل الإفريقي سوف يعطي للأوربي فكرة أصح عن العالم الإنساني.

1 / 125