218

Миркат Мафатих

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Издатель

دار الفكر

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

Место издания

بيروت - لبنان

١٣٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " «إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَيَجْلِسُ الرَّجُلُ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْغُوبٍ، ثُمَّ يُقَالُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ. فَيُقَالُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَصَدَّقْنَاهُ. فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللَّهَ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةً قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةً قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَجْلِسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْغُوبًا، فَيُقَالُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي! فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةً قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةً إِلَى النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ــ
١٣٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): ﵁ (عَنِ النَّبِيِّ): وَفِي نُسْخَةٍ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (إِنَّ الْمَيِّتَ): اللَّامُ لِلْجِنْسِ (يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ): وَكُلُّ مَا اسْتَقَرَّ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ قَبْرُهُ (فَيَجْلِسُ): قِيلَ مَجْهُولٌ (الرَّجُلُ)، أَيِ: الصَّالِحُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ): بِكَسْرِ الزَّايِ وَنَصْبُ (غَيْرَ) عَلَى الْحَالِيَّةِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا مَشْغُوبٍ): تَأْكِيدٌ مِنَ الشَّغَبِ وَهُوَ تَهْيِيجُ الشَّرِّ وَالْفِتْنَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَزِعٌ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ يَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِيهَامِهِ هُنَا إِذْ سَلْبُ مَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى سَلْبِ أَصْلِ الْفِعْلِ كَمَا قَالُوهُ فِي ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦] فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ ذِي فَزَعٍ كَمَا أَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ بِذِي ظُلْمٍ أَقُولُ: تَقْدِيرُ الْآيَةِ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ بَقَاءَ أَصْلِ الْفَزَعِ غَيْرُ مَنْفِيٍّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ بَلِ النَّفْيُ مُنْصَبٌ عَلَى شِدَّةِ الْفَزَعِ، وَلَا دَلَالَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا مَشْغُوبٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي مُدَّعَاهُ (ثُمَّ يُقَالُ)، أَيْ: لَهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (" فِيمَ كُنْتَ ") أَيْ فِي أَيِّ دِينٍ عِشْتَ (فَيَقُولُ: كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ) . هَذَا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ تَمَكُّنِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ خِلَافَ الْمُنَافِقِ لِأَنَّ الْجَوَابَ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ فِي الْإِسْلَامِ (فَيُقَالُ): أَيْ لَهُ (مَا هَذَا الرَّجُلُ): مَا: اسْتِفْهَامٌ مُبْتَدَأٌ وَهَذَا الرَّجُلُ خَبَرُهُ، أَيْ مَا وَصْفُهُ وَنَعْتُهُ؟ أَوْ مَا اعْتِقَادُكَ فِيهِ (فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ)، أَيْ: صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ الْمُفَخَّمِ الْمُشْتَهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، ثُمَّ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (رَسُولُ اللَّهِ): وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُحَمَّدٍ، وَالْجُمْلَةُ مَقُولٌ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْجَوَابِ عَنْ وَصْفِهِ. وَقَوْلُهُ: (جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ)، أَيِ: الْآيَاتِ الظَّاهِرَاتِ أَوِ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صِفَةً وَجَاءَنَا خَبَرًا وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ): مُتَعَلِّقٌ بِجَاءَ أَوْ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ (فَصَدَّقْنَاهُ)، أَيْ: بِجَمِيعِ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟): قِيلَ: نَشَأَ هَذَا السُّؤَالُ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَيْ: كَيْفَ تَقُولُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ فَهَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ فِي الدُّنْيَا؟ (فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي)، أَيْ: لَا يَصِحُّ (لِأَحَدٍ): جَوَابٌ بِالْأَعَمِّ فَإِنَّهُ لِلْمَقْصُودِ أَتَمٌّ (أَنْ يَرَى اللَّهَ)، أَيْ: يُبْصِرَهُ بِبَصَرِهِ فِي الدُّنْيَا أَوْ يُحِيطَ بِكُنْهِهِ مُطْلَقًا (فَيُفْرَجُ لَهُ): بِالتَّشْدِيدِ، وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، أَيْ: يُكْشَفُ وَيُفْتَحُ لَهُ (فُرْجَةً): بِضَمِّ الْفَاءِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا، وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى نِيَابَةِ الْفَاعِلِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ أَعْنِي (قِبَلَ النَّارِ): بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، أَيْ: جِهَتَهَا؛ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ يُرْفَعُ الْحُجُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَرَاهَا (فَيَنْظُرُ)، أَيِ: الْمُؤْمِنُ (إِلَيْهِ): ذُكِّرَ ضَمِيرُ النَّارِ بِتَأْوِيلِ الْعَذَابِ، وَأُنِّثَ فِي قَوْلِهِ (يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا): نَظَرًا إِلَى اللَّفْظِ وَالْحَطْمُ: الْحَبْسُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُتَضَايِقِ الَّذِي يَتَحَطَّمُ فِيهِ الْخَيْلُ، أَيْ: يَدُوسُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَالْمَعْنَى: يَكْسِرُ وَيَغْلِبُ وَيَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا لِشِدَّةٍ تَلَهُّبِهَا وَكَثْرَةِ وَقُودِهَا (فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ)، أَيْ: حَفِظَكَ بِحِفْظِهِ تَعَالَى إِيَّاكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي الَّتِي تَجُرُّ إِلَى النَّارِ (ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةً قِبَلَ الْجَنَّةِ): وَفِي تَقْدِيمِ فُرْجَةُ النَّارِ؛ لِأَنَّ الْمَسَرَّةَ بَعْدَ الْمَضَرَّةِ أَنْفَعُ وَفِي النَّفْسِ أَوْقَعُ، وَإِشَارَةٌ إِلَى فَضْلِهِ بَعْدَ ظُهُورِ عَدْلِهِ (فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا)؟ بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ حُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا (وَمَا فِيهَا): مِنَ الْحُورِ وَالْقُصُورِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ وَالْمُلْكِ الْكَبِيرِ (فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ)، أَيْ: فِي الْعُقْبَى (عَلَى الْيَقِينِ): حَالٌ، وَالْعَامِلُ مَا فِي حَرْفِ التَّنْبِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ الْمُتَضَمِّنِ لِصَاحِبِ الْحَالِ، وَالتَّعْرِيفُ فِي الْيَقِينِ لِلْجِنْسِ وَقَوْلُهُ: (كُنْتَ):

1 / 220