ناله من أعباء تلك الرتبة والدعوة، وما قصد به من أنواع المحنة والجفوة.
وقرّر ﵀ أن الواقع الذي حكينا والصنيع الذي رأينا وروينا، عن عباد القبور والصالحين، هو بعينه فعل الجاهلية الوثنيين. وهو الذي جاءت الرسل بمحوه وإبطاله وتكفير فاعله ورد باطله ومحاله: وقال: إن حقيقة دين الإسلام وزبدة ما جاءت به الرسل الكرام، هو إفراد الله بالقصد والعبادة، وإسلام الوجه له بالعمل والإرادة، وترك التعلق على الأولياء من دونه والأنداد. والبراءة من عبادة ما سواه من سائر المخلوقات والعباد. وهذا معنى كلمة الإخلاص والتوحيد. وهو الحكمة المقصودة بخلق جميع الكائنات والعبيد، وقرر ﵀ أن مجرد الإتيان بلفظ الشهادة مع مخالفة ما دلت عليه من الأصول المقررة؛ ومع الشرك الأكبر في العبادة لا يدخل المكلف في الإسلام. إذ المقصود من الشهادتين حقيقة الأعمال التي لا يقوم الإيمان بدونها. كمحبة الله وحده، والخضوع له والإنابة إليه، والتوكل عليه، وإفراده بالإستعانة والاستعانة فيما لا يقدر عليه سواه، وعدم الإشراك به فيما يستحقه من العبادات، كالذبح والنذر والتقوى والخشية، ونحو ذلك من الطاعات.
واستدل لذلك بنصوص قاطعة وبراهين واضحة ساطعة، وحكي الإجماع على ذلك عن الأئمة الفضلاء والسادة النبلاء، من سائر أهل الفقه والفتوى، وذكر عبارة من حكى الإجماع من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وألف في ذلك التآليف، وقرر الحجة وصنف التصانيف، وقد عارضه من الغلاة المارقين ومن الدعاة إلى عبادة الأولياء والصالحين، أناس من أهل وقته، فباءوا بغضب الله ومقته. وأظهره الله عليهم بعد الامتحان. وحقت كلمة ربك على أهل الكفر والطغيان. وهذه سنة الله التى قد خلت من قبل، وحكمته التي يظهر بها ميزان الفضل والعدل.
وقد جمع أعداؤه شبهات في رد ما أبداه، وجحد ما قرره وأملاه،
1 / 10