ولما لم يوجب الكفارة هاشم بن غيلان رحمه الله، وترك القياس في هذا الموضع ظنا أنه كان ممن لا يري القياس.
وقيل: فيمن وطأ امرأته في شهر رمضان نهارا، فإن عليه القضاء والكفارة فإن أفطر يوما ثانيا وثالثا - فليس عليه غير تلك الكفارة، ما لم يكفرها.
فإن قال قائل: لم لم تجعلوا لكل يوم كفارة، واليوم الأول غير اليوم الثاني؟ قيل له: إن الله جل ذكره، جعل الكفارة زجرا لعباده، وردعا لهم، ألا تري إلى الحدود، إذا اجتمعت من جنس واحد - أنها لا تتكرر على الجاني بل يقام عليه حد واحد، إذا كان الفعل من جنس واحد ما لم يقم عليه الحد، وإن عاد إلى الفعل بعد أن أقيم عليه الحد أعيد عليه حد ثان كما قلنا في الكفارة إذا كفرهما ثم عاد إلى الإفطار لزمته كفارة ثانية.
فإن قال قائل: فإن لم يكفر، حتى أفطر يوما آخر من سنة أخرى، هل تجزيه كفارة واحدة؟ قيل له: لا، لأن كل سنة فرض غير الفرض الأول، وهو كالجنس الآخر، لأن السنة الأولي غير السنة الثانية، فصار الفعل فيهما كالفعل في الجنسين.
فإن قال: فإن المرأة التي وطأها غير المرأة الأولي التي وطأها أولا قيل له: هذا كله وطء كما [أن ] ذاك كله شهر واحد، فإن قال: فإن اليوم الأول الذي أفطره غير اليوم الذي أفطره بعده، وكل يوم منها فرض غير الفرض الأول، قيل له: هذا كله كالحدود التي هي عقوبات مختلفة، إن كانت زجرا وردعا.
فصل:
وأما العلة: فهي المعني الذي يطلب منه الدليل، والدليل هو حجة الله على الخلق، والحجة هي الحجة التي يحتج بها الإنسان مع خصمه، وهو فعله، ولن يعدم صحة معرفة هذا، وما يشأ كله من ناصح نفسه، واجتهد لها، ورغب إلى الله تعالي في إرشاده، وطلب بتعليمه وجه الله تعالي وما التوفيق إلا بالله، وهو العاصم، والمتفضل على عباده وهو على هداية عبده قدير.
***
القول التاسع
Страница 81