وكذلك قالوا: في رجل تزوج امرأة، فاختلف الزوج، والولي في الصداق - قبل أن يدخل بها - قال المولي: زوجتها بمائة، وقال الزوج: بخمسين، فقيل: إن شاء الزوج سلم ما قال ولي المرأة، أو المرأة، وإن شاء سلم نصف ما أقر به من الصداق، وطلقها، وهذا؛ إذا لم يكن معهم بينات على دعاويهم.
وقاسها أبو على على البيع؛ إذا كانت السلعة في يد البائع، وقال البائع للمشتري: بعها بعشرة دراهم، وقال المشتري: اشتريتها بخمسة دراهم؛ فإن لم يكن معهما بينات؛ فإن شاء المشتري أخذها بالعشرة، وإن شاء تركها، وهذا إذا لم يكن لهم بينات على دعاويهم.
وقال أبو محمد (رحمه الله): اتفق علماؤنا فيما تناهي إلينا عنهم: أن من لزمه فرض الحج والصلاة، والزكاة، والعتق، والصدقة عن يمين حنثها، ونذر وجب الوفاء عليه به.
وما كان من سائر الحقوق التي أمر الله بفعلها، ولا خصم المأمور من المخلوقين فيما مما هو أمين في أدائها، ولم يؤدها، ولا أوصي بها؛ أنه لا يتعلق على الوارث - أداؤها، ولا أداء شئ منها - كان الهالك تاركا لذلك من طريق النسيان، أو العمد.
واختلفوا فيه؛ إذا أوصي بها، أو أمر بإنقاذها؛ فقال سليمان بن عثمان، وغيره من الفقهاء: يجب إخراج ذلك من جملة المال؛ لأنه واجب على المأمور إخراجه في أيام حياته من جملة المال؛ فلا يجب زواله منه بعد الموت، وسبيله سبيل سائر الحقوق المأمور بإخراجها من جملة المال، وشبهوه بالدين الواجب على الهالك.
وقال موسى بن على، ومحمد بن محبوب، وأبو معاوية، وأبو المؤثر، وغيرهم من الفقهاء: ما كان من هذه الحقوق التي ذكرناها - ترجع إلى الثلث إذا أوصي بها الميت، لأن الدين يجب قضاؤه، ولو لم يوص به، وأما الأشياء التي ذكرناها: فلا يجب قضاؤها إلا إذا أوصي بها، لإنفاقهم جميعا على ذلك ولأن الدين لو قضي عنه في حياته - بغير أمره - لسقط عنه أداؤه، وكذلك بعد وفاته باتفاق.
Страница 74