وأما قول الله تعالي: " لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم " فدل هذا على من سخر على من هو شر منه، فلا شيء عليه؛ إذ النهي وقع على من يمكن أن يكون خيرا ممن سخر منه، ونظير ذلك قوله تعالي: " الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم "، وكذلك قوله عز وجل: " ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان " فدل ظاهر تحريم التداعي بالصفات، والعلامات، والأسماء؛ إذا كانت ملقبة ظالما له فيها، وفي الرواية: أن يقول له: يا كافر، يا فاسق.
والألقاب في اللغة: هي كل من نصب علما على شخص فعرف به فهو يسمي لقبا له.
فصل:
قال الله جل ذكره: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا " فقد أمر الله المؤمنين بالقيام بالقسط أمر عاما لهم جميعا.
والقسط الذي أمرهم بالقيام به؛ لا يخلو من أن يكون قسطا معلوما بعينه؛ فتكون الإشارة دالة عليه دون غيره، أو لا تكون الإشارة وقعت على قسط معلوم بعينه [فإن] صح أن هذه الإشارة: إلى الجنس [فقد] وجب علينا القيام بكل ما وقع عليه اسم قسط.
وأما قوله عز وجل: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " إلى أخر الآية؛ فلما لم تقم الدلالة على عدل بعينه وجب القيام بالعدل كله.
Страница 183