وسئل أبو محمد (رحمه الله) عمن تعبده الله بشيء من الدين، فأخذ في ذلك ببعض الآراء، فاجتهد، ودان الله به، ومعه: أنه مصيب فيه، فأخطأ: قال: إذا دان بما تعبده الله به حيث أوجب الله عليه قبول ذلك، والتدين به، والاعتقاد له، فأصاب، ولو كان الشيء الذي دان هو فيه بما دان بخلاف ذلك مع الله - فهو سالم؛ إذا فعل ما ألزمه الله في الحكم بالظاهر، وإن أخطأ طريق الاستدلال، فدان بالذي دان به من حيث لم يجز له بحجة الله له في ذلك، ولم يوجب عليه قبوله من ذلك لوجه، ولم يتعهده به بتلك الحجة؛ وإنما تعبده به من وجه آخر، وبأدلة أخرى، قال: هالك، وهو غير معذور.
وإن دان الله بما دان؛ من حيث: أوجب الله عليه من اللعة، والكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس عليهن من العقل من حيث بلغته الحجة، فأخطأ". فقال: لا يجوز أن يخطئ؛ لأنه: إذا دان الله من حيث أوجب الله عليه - فهذا سالم كان استحق به ذلك الحكم عند هذا المتعبد، وكان يسر إلى الله خلاف ما يظهر إلى هذا الذي قد تعهده الله أن يحكم بالظاهر - فهو عند الله سالم بتلك الحال التي هو بها، وهذا سالم عند الله؛ حيث أطاعه فيما أوجب عليه من إنفاذ حكمه.
وكذلك كلما تعبده الله أن يدين به فأطاع الله فيما أمره - كان سالما، وإن كان الأمر بخلاف ذلك في علم الله.
فأما: أن يكون قد أتي من حيث كلف، ولم يخطئ، فيكون عاصيا، والأمر مع الله بخلاف ذلك؛ فهذا لا يجوز أن يدان به [بحجة] أن الله يفعله بعباده، لأن الله العادل: لم يكلف عبادة إلا بما وضع له عليه دلالة، وأوجد لهم السبيل إلى معرفته؛ فإن أخطأوا ذلك الدخليل كان من قبلهم؛ فأما إن أصابوا ذلك - فلا يجوز أن يلزمهم على ما لم يجعلوا لهم عليه دليلا.
فصل:
Страница 124