299

Путь благочестивых в науке калама

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

ومتى قيل فقد يرجح الفعل على الترك لا لأمر. قلنا: بل يرجح الأمر وهو الداعي، ومتى استوى الداعي إليهما كان المخصص هو القادر بقصده، واختاره بدليل أنه لو سئل عن ذلك فقيل: لم خصصت هذا الرغيف مع مساواته للآخر لقال: اخترت ذلك ، ولسنا نعني بأن يكون تأثير القادر على جهة الاختيار إلا هذا، وبهذا تقع التفرقة بين المختار والموجب، فالمطالب لنا بمخصص وراء القادر مطالب لنا بإبطال معنى القادر، وإدخاله في حد الموجب، ولسنا نسلمه، ولا بد للرازي من النزول على مثل هذا الجواب، وإلا بطل عليه كون الباري مختارا، وهو قد يزل عليه، ولكنه كثير التخلبط.

شبهة: قالوا: لو كان العبد محدثا لأفعاله لوجب أن يعلم تفاصيل ما أحدثه ليصح منه إيجاد قدر دون قدر كالقديم تعالى.

والجواب: لم قلتم أنه يحتاج في إيجاب قدر وأن قدر إلى أن يعلم تفاصيل ما أحدث، وهلا كفى أن يقصد إلى إيجاد جملة أفعال لغرض من الأغراض، ثم يأخذ في تلك الأفعال حتى يتم غرضه، ثم يقتصر على ذلك القدر من ذلك الجنس، وإن لم يعلم كميته، فإذا قصد أن يصلي ركعتين مثلا فقد قصد أن يوجد من الحركات والسكنات والأقوال ونحو ذلك القدر الذي تكون الصلاة معه ركعتين، وكذلك إذا كان غرضه الحج قصد إلى أن يوجد من الخطا القدر الذي به يصل إليها(1)، ولا يحتاج أن يعلم كمية تلك الخطا، وكذلك الباني يقصد أن يوجد من التأليفات ما به يصير المبني بيتا وجميع الأفعال تجري على هذا المنوال، وهذا يعلمه كل عاقل، بل الصبي إذا تناول الكوز، فإنما يقصد أن يشرب القدر الذي معه يحصل الري ولا يتعرض للعلم بكمية حركات الفم، ولا يمكنه ما يأخذ من قطرة ولا بد للخصوم من الاعتراف بهذا.

Страница 305