196

Путь благочестивых в науке калама

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

فإن قال: إذا كان الله تعالى خلق الأشياء لينتفع بها الأحياء فقد أراد الانتفاع بها وهو مباح /133/.

قيل له: إنه تعالى يقال إنما أراد خلقها على وجه يصح أن ينتفع بها، وأراده أن ينتفع بها غير إرادة وقوعها على الوجه الذي معه يصح أن ينتفع بها، واختلفوا في هل يريد المباحات في الآخرة أم لا.

فقال أبو علي: لا يريدها كالدنيا، وجعل قوله تعالى: {كلوا واشربوا} إباحة لا أمرا حقيقيا.

وقال أبو هاشم: يصح أن يريدها في الآخرة؛ لأن ذلك زيادة مسرة أهل الجنة وانتشاطهم، وحق الثواب أن يكون على أبلغ الوجوه، وليست دار تكليف، فيقال إن إرادته لها تخرجها عن كونها مباحة ويدخلها في باب المندوبات.

فصل وفيه ذكر طرف من أحكام الإرادة.

منها: أنه يجوز تقديمها، وخالف أهل الجبر. لنا أن أحدنا يجد من نفسه إرادة ما يتأخر، والمخالف يبني على أن الإرادة موجبة للمراد، وهذا أصل مضمحل عندنا.

فأما إرادة الباري فما تعلق منها بأفعاله المبتدأة والمسببة غير المتراخية عن اسبابها، وحيث مقارنته لا لأن الإرادة موجبة، بل لأنها لا تقدم إلا لتعجيل المسرة وتوطين النفس، وذلك يستحيل في حقه تعالى، ولهذا امتنع العزم عليه، وما تعلق منها بأفعاله المسببة المتراخية فقيل يفارق السبب ويكون في حكم المقارنة للمسبب؛ لأنه في حكم الواقع لوقوع سببه.

وقيل: يقارن المسبب محافظة على الأصل المذكور، وما تعلق منها بفعل الغير فهو متقدم على ذلك الفعل ومقارن للأمر به لوجهين:

أحدهما: أن الأمر لا يكون أمرا إلا بالإرادة.

والثاني: أن إرادته تعالى كالحاث على الفعل الباعث عليه، وحث الباعث التقدم على الفعل.

ومنها: أنها لا تتعلق بأن لا يفعل ونحوه من النفي خلافا لأهل الجبر.

Страница 200