القسم الثاني
باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه
قال الله ﷿: ﴿ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم﴾. وقال: ﴿وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا﴾، وفال: ﴿وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا﴾. وقال: ﴿والذين اهتدوا زادهم هدى﴾.
فثبت بهذه الآيات أن الإيمان قابل للزيادة.
فإن قال قائل: ما أنكرتم أن زيادة الإيمان زيادة العلم والمعرفة، فإن للعلم منازل. أولها غالب الظن ثم اليقين ثم الضرورة.
فالجواب: أن يقال له: أخبرنا عن اليقين الواقع للمؤمن، أهو إيمان؟ فإذا قال: نعم! قيل له: فزيادة اليقين الواقعة له إيمان. فإن قال: لا! قل له: فكيف يزداد الأيمان بما ليس بإيمان؟ وإن قال: هي إيمان! قيل: فقد زاد الإيمان بكل حال، ووجب إذا كان الناس متفاضلين في يقينهم، فكان منهم من هو كالمضطر إلى العلم في أنه لا يتهيأ تشكيله في الدين بشدة سكون قلبه إلى معتقدة، ومنهم من يكون دونه حتى لا يؤمن عليه التشكيل إن دخلت عليه شبهة، وجب أن يكونوا متفاضلين في إيمانهم وبطل أن يكونوا في الأيمان سواء، فضلا في أن يكونوا والملائكة والنبيين- صلوات الله عليهم- وغيرهم فيه سواء. ويقال: أرأيت زيادة اليقين؟ هل يقع إلا عن دلالة تقوم وتظهر فيسلم لها ويوثق بمدلولها؟ فإذا قال: بلى! قيل له: فالاستسلام لها والتصديق بمدلولها طاعة زائدة بعد حصول حقيقة الإيمان، فما جاز أن يزيد الإيمان بها. فما أنكرت أنه يزيد بكل طاعة؟
1 / 55