ثم أبان الاعتقاد وعامة الأعمال إيمان، فقال: (أفضل الإيمان الهجرة) ثم فرع الهجرة، فدل ذلك على أن الطاعات كلها إيمان كما هي إسلام، وأن الإسلام الإذعان لله جل وعز، سواء وقع بأمر ظاهر أو بأمر باطن، بعد أن يكون الأمر مما رضي الله لعباده أن يتقربوا به إليه.
ثم جاء نصا عن النبي ﷺ أنه قال: (أتدرون أي عرى الإيمان أوثق؟ قالوا: الصلاة! قال: إن الصلاة لحسنة، وما هي به. قالوا: الحج! قال: إن الحج لحسن، وما هو به، قالوا: الصيام! قال: إن الصيام لحسن، وما هو به. قالوا: الجهاد! قال: إن الجهاد لحسن، وما هو به. فلما رآهم يذكرون شرائع الإسلام ولا يصيبون، قال لهم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) لا ينكر عليهم أن ما عددوا عرى الإيمان، ولكنه أخبر أن الأوثق الذي سألهم عنه غيرها. وزاد ذلك بيانا في حديث آخر فقال: (من أعطى لله، ومنه لله، وأنكح لله، ونكح لله، وأحب في الله وأبغض في الله، فقد استكمل الإيمان). فصرح بأن هذه الخصال إيمان. وأبان بأن أوثق عرى الإيمان الإخلاص.
وجاء عن عبد الله بن عمر- ﵄ أنه قال: (إن الإيمان بني على خمس: تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان)، كذلك حدثنا رسول الله ﷺ. وجاء عن ابن عمر- ﵄ في رواية أنه قال. قال رسول الله ﷺ: (بني الإسلام على خمس ..) فذكر هذه الأعمال، فبان بذلك أن الإيمان والإسلام اسمان لدين واحد ينتظم أعمالا كثيرة، ويتصف أوصافا مختلفة، وأن واحدا من هذين الاسمين ليس لشيء منها دون شيء، والله أعلم.
ثم الذي يشمل جميع ما ذكرنا وبينا قول النبي ﷺ: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق). ومعلوم أن هذه
1 / 46