ولخصنا شروطه وإعلامه، وإنما يسوءنا أن يخرج من جملة الفقه ما ليس بخارج منها لنتذرع بذلك إلى نبذه وهجره، والبخس بحقه والإزراء بقدره، ولا ذلك بالذي يتصور به إلا من يراه، ويركب في استحسانه له هواه. ولكنا من أهل عصر من الأعصار إذا نشأوا عليه، وحدث قبل انقراضهم من يحتاج إلى الأخذ عنهم، احتذى حذوهم ولزم نهجهم، وظن أن لا علم إلا ما حصلوه، وإنهم لو علموا في غيرهم لأحكموه، ولو أبصروا فيه نفعا لم يضيعوه. فلا تزال الأشياء على هذا تتلاحق، والآراء منهم تتوافق وتتطابق، حتى لا يوجد في الناس من يحسن من تفسير القرآن ووجوه الأخيار. وحكم التذكير الذي هو فصل بين السامع وبين هواه، كما القضاء فصل بين المدعي وبين من أنكر دعواه.
وعلم القصص الذي عظم الله تعالى شأنه، وأظهر به النبي ﷺ برهانه، إلا قليلا فتذهب من علم الشريعة أصوله، وتعفو منه أعلامه ورسومه، فذاك الذي دعاني إلى تأليف هذا الكتاب، وتقسيمه على ما بينت من الأبواب. وقد أثبت فيه بتوفيق الله وعونه جملا من العلوم المهجورة المجفوة، بمقدار ما حملته من الأبواب التي كتبتها في شعب الإيمان، وضمنت كل باب منها من الكلام فيما يلتحق بسمته، ويدخل في جملته ما يكتفي به ويوصل منه إلى غيره. فمن بلغه كتابي هذا فلا يحرمن نفسه جزيل الحظ من الخير الذي سهلته له وسقته إليه بالإعراض عن تدبره، وترك الوقوف عليه إلى أن يحظى بما جمعته وينعم النظر فيما ألفته، فإن ذلك أن تيسر له ولم يخنه فهمه، وحسنت في سعيه نيته، رجوت أن يبتهج بإذن الله تعالى أجمعه، ولا يرى في شيء منه أن يدفعه، وبالله التوفيق والتسديد، والإرشاد والقصد والتأييد، وهو حسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
***
1 / 15