============================================================
وقال يحيى بن معاذ الرازيي رحمه الله : الأمل قاطع عن كل خير ، والطمع مانع من كل حق، والصبر صائر إلى كل ظفر ، والنفس داعية إلى كل شر .
والثاني : ترك التوية وتسويفها ، تقول : سوف أتوب ، وفي الأيام سعة ، وأنا شات، وسني قليل، والتوبة بين يدي، وأنا قادر عليها متى رمثها، وربما اغتاله الحمام على الإصرار(1)، فاختطفه الأجل قبل إصلاح العمل.
والثالث : الحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا عن الآخرة، تقول : أخاف الفقر في الكبر ، وربما أضعف عن الاكتساب ، ولا بد لي من شيء فاضل أدخره لمرضي أو هرم أو فقر ، هلذا ونحوه مما يحرك إلى الرغبة في الدنيا ، والحرص عليها ، والاهتمام للرزق ، تقول : أيش آكل، وأيش أشرب، وأيش ألبس، وهلذا الشتاء وهلذا الصيف وما لي شيء ، ولعل العمر يطول فأحتاج، والحاجة مع الشيب شديدة ، ولا بد من قوت وغنية عن الناس.
فهذه وأمثالها تحرك إلى طلب الدنيا والرغبة فيها، والجمع لها والمنع لما عندك منها، وأقل ما في الباب أن تشغل قلبك، وتضيع عليك وقتك، وتكثر همك وغمك بلا فائدة ولا طائلي ، على ما روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : (قتلني هم يوم لم أدركه) ، قيل : وكيف ذلك يا أبا ذر؟ قال : (إن أملي جاوز أجلي).
والرابع : القسوة في القلب ، والنسيان للآخرة؛ لأنك إذا أملت العيش الطويل.. لا تذكر الموت والقبر ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان : طول الأمل ، واتباع الهوى ، ألا وإن طول الأمل ينسي الآخرة، واتباع الهوى يصد عن الحق)(2) فإذن يصير فكرك ومعظم أمرك في حديث الدنيا وأسباب العيش في صحبة
Страница 117