============================================================
وأفسدت أمر آخرتك، وإن خالفتهم.. تعبت بأذياتهم وجفواتهم، وكدرت عليك أمر دنياك، ثم لا تأمن أن يلجثوك إلى معاداتهم ومناوأتهم فتقع في شرهم، ولأنهم إن مدحوك وعظموك. أخاف عليك الفتنة والعجب، وإن ذثوك وحقروك.. أخاف عليك الحزن تارة، والغضب لغير الله تعالى أخرى، وكلا الأمرين آفة مهلكة ثم اذكر حالك معهم بعد ما صرت إلى القبر بثلاثة أيام كيف يتركونك ويهجرونك وينسونك، فلا يكادون يذكرونك ، كأنك لم ترهم يوما ولم يروك، فلا يبقى لك هنالك إلا الله تعالى ، أفلا يكون من الغبن العظيم أن تضيع أيامك مع هؤلاء الخلق، مع قلة الوفاء وقلة البقاء معهم ، وتترك خدمة الله تعالى الذي يرجع إليه آخر الأمر وحده ، ولا يبقى لك إلأ هو أبد الآبدين ، والحاجاث كلها إليه، والثكلان كله عليه، والاعتصام كله في كل حال وعند كل شدة وهول به وحده لا شريك له؟ فتأمل يا مسكين ؛ لعلك ترشد إن شاء الله تعالى ، والله ولي الهداية والتوفيق بفضله.
وأما التفسن: فحسبك ما تشاهذ من حالاتها، ورداءة إرادتها، وسوء اختيارها، فهي في حال الشهوة بهيمة، وفي حال الغضب سبع، وفي حال المصيبة تراها طفلا، وفي حال النعمة تراها فرعونا، وفي حال الجوع تراها مجنونا، وفي حال الشبع تراها مختالا، إن أشبعتها.. بطرت ومرحت، وإن جوعتها.. صاحت وجزعت، فهي كما قال الأول: (من الرمل] كحمار الشوء إن أشبعته رمح الناس وإن جاع نهق (1) ولقد صدق بعض الصالحين حيث قال : إن رداءة هذذه النفس وجهلها بحيث إذا هقت بمعصية أو انبعثت لشهوة. لو تشفعت إليها بالله سبحاته ثم برسوله، وبجميع آآنبيائه وبكتابه، ويجميع السلف الصالح من عباده ، وتعرض
Страница 143