352

============================================================

أم مرتبة الولاية بعد القطع بأن النبي متصف بالمرتبتين، وأنه أفضل من الولي الذي ليس بنبي:.

فمتهم من قال بالأول بناء على أن النبوة تكميل للغير وهو بعد الكمال وفوقه في الجمال، ويؤيده حديث: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"(1). ومنهم من قال بالثاني زعما بأن الولاية عبارة عن العرفان بالله تعالى وصفاته وقرب منه وكرامة عنده، والنبوة عبارة عن سفارة بينه وبين عبده وتبليغ أحكامه إليه والقيام بخدمة متعلقة بمصلحة العبد، وقاسوا الغائب على الشاهد والخلق على المخلوق، فإنهم شبهوا الولي بمجالس الملك والنبي بالوزير في قيام أمر الملك، ولم يعرفوا أن مقام جمع الجمع حاصل للأنبياء ولكل أتباعهم من الأصفياء، وهو أن لا تحجهم الكثرة عن الوحدة ولا الوحدة عن الكثرة، وهو فوق مرتبة التوحيد الصرف الذي هو مقام عموم الأولياء.

فقول بعض الصوفية: إن الولاية أفضل من النبوة معناه أن ولاية النبي أفضل من نبوته، إذ قد عرفت أن النبوة، والرسالة أكمل في علو ال درجته، وهذا لا ينافي إجماع العلماء على أن الأنبياء أفضل من الأولياء.

ال وأما قول بعض الصوفية: إن بداية الولاية نهاية النبوة، فمعناه أن الولاية لا تتحقق إلا بعد قيام صاحبها بجميع ما تقرر من عند صاحب النبوة، فإن الولي من واظب على الطاعات ولم يرتكب شيئا من المحرمات، فما دام عليه امتثال آمر واجتناب زجر فلا يطلق عليه اسم الولي العرفي، وإن كان يقال لكل مؤمن إنه الولي اللغوي. وأما ما حكي (1) رواه آبو داود.

Страница 352