============================================================
ذلك : ما رواه ابن اسحاق وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن حليمة رضي الله عنها : آنها قدمت مكة في نسوة من قومها يلتمسن الرضعاء في سنة مجدبة، ومعها صبيها وشاة ما تبض بقطرة لبن(1)، ولا لبن بثديها، فلا ينام صبيها من الجوع، قالت : وما علمت امرأة منا إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل: يتيم، فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري، فلما لم أجد غيره.. قلت لزوجي : والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلاخذنه، فذهبت فإذا به مدرج في ثوب صوف أبيض من اللبن، يفوح منه المسك الأذفر، وتحته حريرة خضراء، راقد على قفاه يغط، فأشفقت أن أوقظه من تومه لحسنه وجماله، فدنوت منه رويدا فوضعت يدي على صدره صلى الله عليه وسلم، فتبسم ضاحكا وفتح عينيه ينظر إلي، فخرج من عينيه نور حتى دخل خلال السماء وأنا أنظر، فقبلته بين عينيه وأعطيته ثديي الأيمن ، فأقبل عليه بما شاء من لبن، فحولته إلى الأيسر فأبى، وكانت تلك حاله صلى الله عليه وسلم بعد قال أهل العلم : أعلمه الله تعالى أن له شريكا فألهمه العدل - ثم أخذته فما هو إلا أن جيت به رحلي فقام صاحبي- تعني زوجها- إلى شاتنا تلك فإذا بها حافل ، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا، وبتنا بخير ليلة من الخير والبركة حين أخذناه، فلم يزل الله يزيدنا خيرا(2،).
وفي رواية: آنها لما ودعت آمه وذهبت به على آتانها. سجدت نحو الكعبة ثلاث جدات ورفعت رأسها إلى السماء، ثم مشت فسبقت دوابهن، فصرن يتعجبن ويقلن لها : أهذذه أتانك التي كانت ترفعك طورا وتخفضك أخرى ؟! فتقول : نعم، فيقلن : إن لها شأنا عظيما، فسمعت الأتان تقول : إن لي شأنا عظيما، بعثني الله بعد موتي، ويحكن هل تدرين من على ظهري؟ على ظهري خير الأولين والأخرين: (1) بض : سال سيلا قليلا.
(2) السيرة النبوية (162/1)، ومسند أبي يعلى (7163)، والمعجم الكبير (212/24) ودلائل البيهقي (132/1)، ودلائل أبي نعيم (193/1)
Страница 71