Сквозь монокль: Легкомысленные критические картинки из нашей общественной жизни
من وراء المنظار: صور انتقادية فكهة من حياتنا الاجتماعية
Жанры
ولم يرع هذا العتل إلا رجلا الشيخ جميعا تمتدان، فتستقران لا على المقعد ولكن في حجره، وقد ضغط الشيخ بنعليه على بطنه وهو يقول: «أنا كمان حر.» وأصر على جعل الحاء خاء.
وضحكت حتى تبادر دمعي وضحك من شهدوا المنظر جميعا، وطار عنهم فتورهم؛ ونهض المقبع كأنما لدغته عقرب، وهو يرطن بلغته، وكأنما فمه بالوعة غصت بالماء وقد انتفخ شدقاه فازداد غلظا على غلظ.
ونظر إلي المعمم وهو بين الضحك من فعلته، وما أثارته من ضحك عام وما كللت به من نجاح أعجبه، وبين الغيظ مما يرطن به المقبع، وقال لي: «ترجم حرفيا ما يقول لألقي به تحت الترام.» فأحجمت وما زدت على أن ضحكت، فقال الشيخ وقد حبس ابتسامته وبدا الجد في وجهه: «أتمتنع عن ترجمة ما يقول هذا الخنزير؟ أهذه غيرتك على كرامة بني وطنك؟»
ورأيتني على رغمي قد دخلت خصما ثالثا في القضية!
ونظرت إلى الشيخ وقلت: «أفتراني - يرحمك الله - أتبين شيئا مما يقول؟ ومع ذلك فهل تظنه يمتدحك ويثني عليك؟»
وأعجب الشيخ ردي فابتسم أو كاد ثم عاد إلى عبوسه وتقطيبه، على أنه ما لبث أن ضحك مع من ضحكوا لهذا الرد.
ورأيت أني أحرجت الشيخ إذ حرمته مما أراد أن يتعلل به من جهله بما يقول خصمه، وكفى الله المؤمنين القتال ... وصار لزاما أن يلقي بذلك المقبع تحت الترام وإلا فقد قبل شتائمه.
وأنقذ المقبع من الموت المحتم تحت عجلات الترام، أو قل: أنقذ الشيخ من حرجه وقوف الترام على آخر محطة، بحيث لم تعد عجلاته تفعل شيئا!
وانطلقت وأنا أدير في رأسي هذه القضية الصغيرة التي فسرت لي تفسيرا عمليا معنى الحرية، وظللت ساعة لا تبرح خيالي رجلا الشيخ يضغط بنعليهما على بطن ذلك المقبع، الذي ظن أنه لا يزال لقبعته ما كان لها قبل من هيبة!
يا خسارة!
Неизвестная страница