Сквозь монокль: Легкомысленные критические картинки из нашей общественной жизни
من وراء المنظار: صور انتقادية فكهة من حياتنا الاجتماعية
Жанры
وكثيرا ما كانت تقل ثقتي بنفسي لما أرى مما يشبه الإجماع ممن أعاشر، على إنكار مسلكي، وكثيرا ما سألت نفسي أأنا الغر حقا أم أنهم هم الأغرار الأغفال؟
لذلك لم يكن عجبا أني طويت الكتب زمنا، ورحت أتعلم مكر الناس لا لأمكر مكرهم ولكن لآمن مما يمكرون، كما رحت أطالع الحياة لأستعيض بما فيها من مسلاة عما كنت أتسلى به من الكتب ...
ونظرت من وراء منظاري ورحت أتدبر، فزادتني التجربة يقينا أن الكتب جنت علي بقدر ما قدمت من كلام إلي! ... وما لبثت أن رأيت منظاري يقع بي على كثير مما أصيب فيه الدرس ومما أجد فيه المتعة والبهجة؛ ووجدتني على ضآلتي أشبه نفسي غرورا وتطاولا بأولئك الفحول من الكتاب والمفتنين من أساطين القصة الذين لم يأخذوا فلسفتهم من الكتب، وإنما أخذوها من الحياة ولأن أكون منهم كالقزم من العمالقة، فلخير لي أن أكون قزما مقلدا من أن أرضى بالضآلة والغفلة معا ...
وليت لي مثل بصيرة هؤلاء ... إذا لأفدت من العلم من وراء منظاري، ما لن يأتيني نصفه من جميع ما في دار كتبنا العظيمة من مجلدات!
ولكن لا ضير أن أنظر وأن أطيل النظر، وأن أدور بمنظاري هنا وهناك، في المدينة وفي القرية في كل زاوية وفي كل طريق، في المنتديات وفي الحقول وفي الأسواق، وفي غير ذلك من نواحي هذا المسرح العظيم أو هذا المضطرب الواسع، الذي يمثل كل امرئ عليه دوره ...
ولعل طول النظر وتنوعه يعوض علي بعض ما فاتني من العلم فيما تصرم من سني عمري بين أوراقي وكتبي ...
هيا ... هيا ... أيها المنظار، هذا هو المسرح الذي لا يسدل عليه ستار.
عجول وأناسي ...!
- يا شيخ ... يا معلم، صل عا النبي! - أصلي عا النبي إيه ... اسكت يا عم خليك في حالك ...!
صاح بالعبارة الأولى رجل في المدخل الشمالي لميدان السيدة زينب، ينادي بها فظا غليظ القلب من بني آدم كان بالليل يسوق أمامه عددا من العجول الصغيرة قد سلكها جميعا في حبل، وصار يدفعها بإحدى يديه في غير هوادة إلى حيث تذبح، ويهوي على أجسامها لا يبالي أين يقع ضربه بحبل غليظ معقد كلما أبطأت، أو على الأصح كلما جهدت وتقطعت أنفاسها فاضطرها الإعياء والكلال إلى الإبطاء ...
Неизвестная страница