От передачи к творчеству

Хасан Ханафи d. 1443 AH
139

От передачи к творчеству

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص

Жанры

20

ولفظ «الحكماء» هو اللفظ الموروث وليس لفظ الفلاسفة وهو اللفظ اليوناني الوافد. وقد يتم تخصيصهم بالحكماء المنطقيين أي البرهانيين.

21

ولا يذكر المفرد إلا نادرا. وهم فرقة مثل المتقدمين والروحانيين. أما لفظ الفلاسفة فيستعمل على الإطلاق. ونادرا ما يتم تخصيصه بالفلاسفة اليونانيين. ولا يعني لفظ «الحكماء» المعنى اليوناني العتيق، محبة الحكمة بل يعني العلماء في مقابل الجهال السفهاء. كلامهم مستمد من كلام الرسل، فالعقل والنقل بتعبير المتكلمين شيء واحد، ولا فرق بين كلام الحكماء وكلام الرسل أولي العزم. وكما قسم الحكماء الحكمة إلى علم وعمل كذلك فعلت الرسالة. فالحكيم له أستاذ وهو الرسول، والرسول له أستاذ مثل الحكيم. ومع أن الفلاسفة ليسوا من نسل النبوة إلا أنهم توصلوا إليها. فلا فرق بين التنزيل والتأويل، بين الشريعة والحكمة، بين الوحي والعقل. ويستعمل اللفظ في معنيين، إيجابي وسلبي ومحايد. المعنى السلبي موضع نقد، والإيجابي موضع تأييد، والمحايد مجرد عرض لعلوم الحكماء. والسلبي هو الأكثر شيوعا مما يدل على الموقف النقدي لحكماء الشيعة،

22

والمعنى المحايد مثل قسمة الناس إلى أبرار وأتقياء وعلماء وحكماء مقابل الفجار والأشقياء والجهال والسفهاء. وهو معنى يقبله العقل ولا يعارضه النقل. والحكماء هم أساسا المناطقة وتعريفهم للإضافة أي النسبة وتقسيمهم الضد ثلاثة أقسام، والجنس أربعة أقسام، والحكمة ثلاثة أقسام علم الطب والصناعات، وهو العلم اللدني، وعلم التنجيم وحركات الأجرام العلوية وهو العلم الأوسط، وعلم اللاهوت، وهو العلم الأعلى. أما العمل فهو أيضا ثلاثة أقسام، سياسة العامة، وسياسة العامة الخاصة، وسياسة الخاصة. وهي نفس القسمة للنبوة والرسالة؛ إذ إنها أوجبت معرفة الله ومعرفة السموات والنجوم والأرض والتفكر فيها، ومعرفة الأبدان، منافعها ومضارها، ومعرفة السياسات العامة والخاصة.

23

ومع ذلك يظل التمييز بين الحكمة والنبوة قائما. فسياسة العامة عند الحكماء تعني بناء المدن، وكيفية اللباس في حين أنها في النبوة إقامة الصلوات، وتسبيح الله، وإيتاء الزكاة وتوزيعها على الضعفاء، ووضع ناموس شرعي به صلاح الناس. والحقيقة أنه لا فرق بين الاثنين. فالسياسة العامة عند الحكماء والأنبياء إعمار الأرض، والشعائر في النبوة مؤسسات اجتماعية وعمرانية. وضع الحكماء أساس المدينة الفاضلة للناس كما وضع الأنبياء أسس الشريعة للأمة. وقد يكون الفرق بين الحكماء والأنبياء أن المعاني اللاحقة في أنفس الحكماء غير كاملة لأنهم وصلوا إليها بالمقدمات والقضايا المقترنة المتعاونة أي بأساليب البرهان وليس بالوحي المرسل، بالتأويل وليس بالتنزيل. وهو تمييز غير دقيق. فالبرهان هو الطريق إلى التنزيل، وما لا دليل عليه يجب نفيه. والتنزيل نفسه يطالب بالبرهان، ويجعل النظر أول الواجبات. وقد يوجد فرق آخر بين الحكماء والأنبياء هي العبارات والمصطلحات مثل جبريل وميكائيل. هي معان عند الحكماء وصور عند الأنبياء. فالخلاف في اللفظ وليس في المعنى. ما يسميه الحكماء العقول والنفوس المفارقة يسميه الأنبياء الملائكة. قام الحكماء بعملية التشكل الكاذب، استبدال الألفاظ الجديدة ألفاظ الحكمة بالألفاظ القديمة، ألفاظ الدين. لذلك قال بعض الحكماء الاسم غير المسمى وهو دليل عليه. وكانوا على وعي بهذا الاستبدال اللغوي بدلا من الباري استعملوا ألفاظ الموجود الأول، المبدأ العقلي، القوة الفاعلة، وهو ما أطلق عليه الحكماء أيضا أسماء العقل أو القلم فكان منها أثر منفعل هي النفس الكلية. فالفيض عند الحكماء هو إحدى صور الخلق عند الأنبياء. ومع ذلك يمكن الاعتراض بأن المعارف موجودة من دون الرسل، وأن الحكماء قد استطاعوا الوصول بالعقل الصريح إلى الحكمة ومن ثم يكون السؤال: وما وجه الحاجة إلى الرسل؟ والجواب أن الحكمة تلقين من أستاذ إلى أستاذ، ولا يوجد أستاذ أول. في حين أن في النبوة هناك تعلم من الرسول الذي في غنى عن الأستاذ. وهي حجة أشبه بإثبات وجود الله واستحالة التسلسل إلى ما لانهاية. وقد توصل الحكماء إلى بعض المعارف. منهم أطباء ومنجمون ومهندسون وموسيقيون.

24

والمرة الوحيدة التي أشير فيها إلى الفلاسفة اليونانيين فلبيان حدودهم وقصورهم عن النبوة بالرغم من محاولاتهم الوصول إلى حقائقها. وكل من أراد إدراك النبوة من المذاهب الأخرى، يونانية أو غيرها لم يستطع حتى لو بذل أقصى الجهد. فقد وضع فلاسفة اليونان أصولا كثيرة من الطبيعيات والرياضيات حتى استطاعوا من خلال الرياضيات إدراك الروحانيات ولكنهم قصروا في إدراك عالم النفس والعبادة، الأمر والنهي، والوعد والوعيد. وأقصى ما وصلوا إليه حكايات ورموز متناقضة لا برهان عليها على عكس ما أتى به الرسل الذين سبقوهم وإقرارهم بالمبدع، إرادته وخلقه وكأن المحك هي صور المعاد. وهذا ظلم للحكماء لأنهم أيضا أثبتوا خلود النفس، ثوابها وعقابها. والرموز والحكايات مشتركة بين الحكمة والشريعة، بين الفلسفة والدين. كما استعمل الفلاسفة البراهين والأدلة على وجود المحرك الأول ووحدانيته. فالفكر الشيعي هنا أقل انفتاحا من الفكر الفلسفي الخالص الذى وحد بين الفلسفة والدين كلية، ومن ثم ظل أقرب إلى الكلام منه إلى الفلسفة. وقد ذكر الحكيم مرة واحدة، وبطريقة لا مشخصة في علاقة النظر بالعمل، النظر ممهد للعمل، ونهاية الفكر أول العمل.

Неизвестная страница