От передачи к творчеству (том первый, Передача): (1) Запись: История – Чтение – Плагиат
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Жанры
ولو لم يظهر هؤلاء الحكماء بأشخاصهم لظهر غيرهم بأسماء أخرى. تمثل علوم الحكمة نمطا معينا من التفكير، لغة ومعنى وموضوعا. لغتها عقلية خالصة، ومعانيها عامة وشاملة، وموضوعاتها الإنسان والعالم والله. وهي نفس البنية التي ظهرت في علم أصول الدين؛ فالمنطق في علوم الحكمة يعادل نظرية العلم في أصول الدين. والطبيعيات في علوم الحكمة تعادل نظرية الوجود (الجوهر والأعراض) في علم أصول الدين. والإلهيات في علوم الحكمة تعادل الإلهيات أو العقليات في علم أصول الدين. والسمعيات أو النبوات في أصول الدين تعادل الشرعيات عند إخوان الصفا الذين ركزوا بوجه خاص على الاجتماع والسياسة والتاريخ في الناموسيات والشرعيات. كما يمتاز هذا المنهج بأنه يجعل الباحث حكيما مع الحكماء، فيلسوفا مع الفلاسفة، على نفس مستوى المسئولية. يرى الموضوع من الداخل وليس من الخارج، صاحب دار وليس مستشرقا غريبا عليه، يتفلسف مع المتفلسفين. ويعود الأستاذ ليمارس دوره كفيلسوف وليس كمؤلف كتب مدرسية مقررة للترقية أو للإعارة. فيعاد بناء المنطق والطبيعات والإلهيات بعد أن مر عليها أكثر من ألف عام، ويعاد كتابة «الشفاء» من جديد من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر في مسار الأنا، وفي نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين في مسار الآخر، حيث يبعث ابن سينا من جديد. والتفلسف في النهاية أسهل وأمتع من البحث التاريخي الخالص والتنقيب في الآثار. وهل تتساوى الحياة والموت؟ المنهج البنيوي هو المنهج الفلسفي الداعي إلى التفكير دون التأريخ للفكر؛ فالفكر لا تاريخ له، ولا يؤرخ له، بل يفكر فيه. الفكر موضوع للتفكير وليس موضوعا للرصد والإحصاء كالأشياء.
ومن الباحثين، مستشرقين وعرب، من يستمد سمعته وشهرته وقيمته من الذين عكفوا على دراستهم حتى لا يكاد يذكر الباحث إلا ويذكر صاحبه.
60
وهو تقليد استشراقي لرسم شخصيات الحكماء وتحويل علوم الحكمة إلى أشخاص الحكماء. ولما كان الحكماء من غير العرب باستثناء الكندي، فالفارابي تركي، وابن سينا فارسي، وابن رشد أندلسي، أقرب إلى المغرب منه إلى المشرق، فإن العرب أو الإسلام لم يكن لهما فضل أو دور في علوم الحكمة. في حين أن «من النقل إلى الإبداع» يتجاوز أسماء الحكماء إلى علوم الحكمة ذاتها، ولا يرتبط الباحث باسم فيلسوف بل بعلوم الحكمة ذاتها، علوم غير شخصية، أحد العلوم الرئيسية في الحضارة الإسلامية.
وقد يكون العيب الرئيسي في هذا المنهج هو إغفال الإبداعات الفردية، ومساواة الفلاسفة بعضهم ببعض، والوقوع في قدر كبير من التجريد والعمومية، والانتقال بالفلسفة إلى الميتافيزيقا، ومن الموضوع إلى الذات، ومن التاريخ إلى الفكر الخالص، بل ونسيان التاريخ والنشأة لصالح الماهية والبنية. وهذا اختيار فكري ومنهجي، مثل أفلاطون أو وقائع أرسطو.
وقد لا يكون هناك تعارض بين المنهجين: التاريخي والبنيوي؛ فالتاريخ تحقيق للبنية، والبنية تتكشف في التاريخ. التاريخ بلا بنية مجرد حصر كمي ورصد خارجي بلا دلالة. والبنية بلا تاريخ ماهية مجردة، معلقة في الهواء، لا مستقر لها ولا زمان.
61
لذلك حاول الفارابي الجمع بين رأيي الحكيمين، أفلاطون الإلهي وأرسطاطاليس الحكيم. ميزة قراءة كل فيلسوف على حدة الحفاظ على وحدة المذهب والرؤية بالرغم من تفكك الموضوع. وميزة قراءة الموضوع الحفاظ على وحدته بالرغم من تفكك الرؤية لكل فيلسوف. الغاية هي معرفة استقلال الموقف الحضاري ضد شبهة التقليد والتبعية وليس رصدا من من الحكماء قال هذا القول من الأقوال. (2) منهج تحليل المضمون
الفرق بين مناهج الدراسة القديمة لعلوم الحكمة، سواء تلك التي استعملها المستشرقون أو الأساتذة العرب، وبين منهج تحليل المضمون، هو أن المناهج الأولى تعتبر النص مصدرا للعلم، بينما النص في المنهج الثاني هو موضوع للعلم. النص لا يحتوي علما إلا بقدر ما يكشف عن مضمون بيان نشأته ومصدره كما يفعل المستشرقون، مجرد رد تاريخي يهدف إلى تبخير الموضوع والقضاء عليه. أما مجرد تكرار معناه فهو مجرد تحصيل حاصل كما يفعل الأساتذة العرب، لا يزيد شيئا. وكلاهما نقل دون إبداع. الأول نقل من الخارج، والثاني نقل من الداخل. الأول نقل من الخارج إلى الداخل ثم إرجاع الداخل إلى الخارج، والثاني نقل من الداخل الماضي إلى الداخل الحاضر. الأول نقل عبر الحضارات خارج الزمان، والثاني نقل عبر الزمان داخل الحضارة الواحدة. وليس النص مصدرا للمعلومات، بل هو موضوع للعلم، وهي نفس المسلمة التي قام عليها «علم الاستغراب»، الغرب ليس مصدرا لعلم، بل موضوع للعلم. لا يحتوي النص على أخبار، بل هو موضوع للتحليل. مهمة المؤرخ أو الباحث هنا نقل مهمة عالم الكيمياء. يحلل أكثر مما يركب. نقد النص سابق على استعمال النص لأنه لا يمكن استعمال النص دون معرفة مكوناته؛ فالعلم داخله وليس خارجه. ومنطق النص سابق على معنى النص لأن آليات تكوينه هو العلم به. النص نوع أدبي
Genre Literaire
Неизвестная страница