Из окна
من النافذة
Жанры
وأقول للصبي الذي يلح علي بطلب الخروف قبل العيد بأسبوع على الأقل: «إنه للذبح، أليس كذلك؟ ولن نذبحه قبل ذلك، فما حاجتنا به الآن.»
فيعترف ويقول: «ولكن يا بابا» ولا يسعفه وجه - لا - للاعتراض، فيتمتم، ثم يمضي فيقول: «كل الناس اشتروا الخرفان.»
فيخطر لي أن هذا المنطق ليس وقفا على الأطفال، وأننا نحن الكبار أيضا مثلهم، يسوء الواحد منا أن يحرم ما يرى غيره حاصلا عليه. ومن أمثالنا: «كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس» والرجال يقلد بعضهم بعضا وكذلك النساء. والتقليد في النساء أكثر، وهن عليه أجرأ وبه أشد عناية، وتأمل كيف تنظر المرأة وتقيسها وتدير عينها صراحة في ثيابها وتفصيلها، وفيما على وجهها من أصباغ، وفي طريقة تصفيف شعرها وترجيله ...
وقلت لغلامي: «ولكن أين نضع الخروف المحترم؟ في الشرفة؟»
فقال بلا تردد: «ولم لا؟! ما المانع؟»
آه، ما المانع عنده من وضع الخروف في الشرفة أو على سرير النوم أو في خزانة الثياب؟ إن اللائق وغير اللائق مسألة يكتسب الإنسان الشعور بها والإدراك لها من مبلغ التأثر بتقاليد الجماعة واعتياد الخضوع لها. والجهل بالتقاليد والعادات يعفي الإنسان من الشعور بالحاجة إلى مراعاتها، فالريفي الذي لا يعرف عادات المدن لا يبالي أن يفعل ما يفعله في قريته الصغيرة، ولا يخطر له أنه يأتي شيئا يضحك منه الناس أو يدفعهم إلى الاستنكار والسخط. والطفل الجديد في الدنيا كالريفي الذي يجيء إلى القاهرة أو يذهب إلى باريس أو لندن وهو جاهل بتقاليد الحضارة فيها، فهو لا يستغرب أن يربط الخروف في الشرفة، أو يروح ويجيء في حجرة الاستقبال، أو ينام على السرير، أو يأكل برسيمه في المكتبة. بل الطفل يجد في هذا متعة نادرة، ويضحكه جدا أن يرى الخروف يأكل البرسيم الذي يضعه له على المكتب، وحسبه باعثا على الضحك ومدعاة للتسلية أن هذا خلاف المألوف.
وقلت: «ولكن يا أخي أين ينام خروفك الفاضل؟»
فضحك وقال: «معي، بجانبي.»
فصفق أخوه موافقا.
وفي العام الماضي والذي قبله أذكر أن هذين اللعينين كانا يستيقظان في البكرة المطلولة ويوقظاني أو يزعجاني على الأصح، ويطلبان أن أنهض لأحضر ذبح الخروف؛ وكنت أحتال حتى أقصيهما عني وأقنعهما بتركي لأنام، وكفى بهما شهودا للمذبحة ...
Неизвестная страница