فتضاحك الخوري وقال: يا سيدنا، كتبت لي عندما شكوتهم إليك: مجانا أخذتم مجانا أعطوا، فرحت أشكو أمري إلى ربي بعد أن ظلمني العبد، فألهمني: أن أقلب الورقة ينفك المشكل، فقلبتها فقرأت فيها: ابن المذبح من المذبح يعيش، وأنا ما تجاوزت المذبح. - صحتين يا محترم، وماذا ينفعنا القول: من أين لك هذا؟
15 / 9 / 48
دب سان جيمس
وما سان جيمس غير مقهى في عاليه مرقص فيه جوقة أنبغ أفرادها دب عبقري، دفعتني شهرة هذا الدب الطائر في دنيا الطرائف إلى تلبية دعوة زملاء وإخوان فانسقت إلى ذلك النادي، ما كان وكدي غير الدب ولكني أصبت عصفورين بحجر واحد وشهدت رقص حوريات، فاستحالت ليلتي النابغية إلى ليلة وليدية هارونية، فتذكرت طيش الشباب حين شممت روائح الجنة في الشباب.
طال انتظاري خطيب الحفلة - الدب - فإذا به آخر من يبرز كما هو المعتاد في حفلاتنا ...
قد أكون وحدي ممن ينتظر الدب ويمر بالرقص والراقصات مر الكرام، لا يعنيني ما يكشفن من عورات وأرداف وإليات، ولا تستهويني رشاقة وليونة كانت تبديها إحداهن فتؤكد صحة قول الشاعر:
كأن عظامها من خيزران
وأخيرا جاء الدب - دب عظيم - بل دب وكفى. قيل لي: إنه دب غربي، ولكنني ما رأيت فيه غير سحنة أدبابنا، لم أر منه أعجب مما أراه منهم إلا أنه يحسن ركوب الزفزافة - الموتوسيكل - ويدور عليها في المرقص دورات، ويعمل أعمالا تدل على أنه ربيب حضارة، والحيوان كالإنسان ابن المربي ...
لا فرق بينه وبين أدبابنا إلا أنه مسرح الشعر، مهفهف نظيف، يأكل الدربس والشوكولاتا ... أما الذكاء فواحد، لا يتفوق صاحبنا إلا بثقافة غربية، ويقعد على الكرسي ... بينما ثقافة مواطنينا بلدية ... ويقعون على الثرى.
كان هذا الدب - كلما لعب دورا - يسرع إلى الكرسي المنصوب له في صدر القاعة فيهرع إليه بعظمة، ويقعد بأبهة الموظف الحديث العهد. إن أبهة هذا الدب تجعل الرجل يحترم الذكاء والمقدرة، وتذكره ما جاء في المثل لا يخلو رأس من حكمة. فهذا الدب الجليل يحب «الكرسي» ويؤثر الجلوس عليها فيدفع نفسه دفعا ليصل إليها، أما إذا دعي إلى النهوض عنها وتركها فكأنه يقتلع اقتلاعا.
Неизвестная страница