يا أخي كميل، كم سعيت لأحطم تلك «الأخشاب » التي تفصل القلوب والنفوس، فالحمد لله على أنها تتهاوى أمامك واحدة إثر واحدة.
كمل يا كميل.
إخواننا العرب جماعة طيبون، كرماء أجاويد، والكريم الجواد تستطيع أن تتفق معه. من لا يهمه «الجمع» لا يختلف معه على «القسمة»، أظنك آمنت مثلي بالكرم العربي وطيب قلب العربي، بعدما شهدت ما شهدت عند «الطويل العمر» وعند حفيد صاحبي فيصل، في بلاد ألف ليلة وليلة.
ساعة كنت تخترق دجلة كنا نحن: الشميل والشدياق وأنا نخترق نهرا عظيما يسمونه بلغة دنيانا نهر التوهو بوهو، فرأيناكم مغتبطين وندهناكم مرارا ولكنكم لم تسمعونا، فقال الشميل: إنهم سامعون بقلوبهم فلنبارك عملهم ليثبتوا.
أما الشيخ أحمد فارس فزفر زفرة حرى كاد أن ينشق لها صدره، فصحنا به يا مالك يا شيخ! فقال: وصلني مكتوب من صديق لا أعرفه يقول فيه: إن قنافذ الطائفية تهدج حول البيوت اللبنانية.
فقلنا له لا تخف يا شيخ، ألا ترى ما نرى؟!
فقال: ولولا هذا كنت فطست ... لقد ذقت «المغراية» وخربت بيتنا التعصبات الطائفية ومع ذلك يا جماعة الخير، أرى أننا كنا في ذلك الزمان خيرا من جماعتنا اليوم، المسلم والمسيحي كانا صريحين، أما اليوم فلا أدري ما أقول عنهم.
فقلت له: ما دام الرؤساء متفقين وما دام كميل يؤدي الرسالة على حقها، بصفاء قلب وخلوص نية، فلم يبق من عمر الطائفية والتعصب الديني إلا القليل.
وهنا تنهد الشميل وقال: ما بقي من العمر أكثر ما مضى.
وسمعنا حس قادم فتطلعنا وإذا «أبو علي» مقبل علينا، ومعه الكبش والضب، فقلت له: أما زلت تؤمن أن السياسة أعقد من ذنبه كما كنت تقول؟
Неизвестная страница