От доктрины до революции (2): Единобожие
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Жанры
34
ليس المهم إيقاع الموقف الفكري في تناقض بل معرفة سببه ودوافعه وقصده من حيث التنزيه أو التشبيه، الوحدانية أو التعدد، الخالص أو الشائب، المثال أو الواقع وكيفية توظيف ذلك في الموقف الاجتماعي والسياسي الذي منه يصدر الموقف الفكري.
وقد تنفى الصفات ليس بناء على حجج كلامية أو فلسفية، بل لأن التسمية لم تأت عن الشرع. وصف الله نفسه بأنه سميع بصير، ولكنه لم يصف نفسه بأن له سمعا وبصرا. ولا تجوز تسمية الباري إلا شرعا بأسمائه وليس بصفاته. لفظ الصفة لفظ ليس شرعيا. والأسماء ليست اشتقاقية بل أخبر الله بها عن نفسه وسمى بها نفسه دون تشبيه أو تجسيم كما تفعل الأشاعرة والمجسمة أو تأويل كما تفعل المعتزلة.
35
وقد بدأ نفي الصفات مقالة شرعية، ثم تحولت تحت أثر علوم الحكمة إلى موقف فلسفي خالص يرد الصفات كلها إلى صفتي العلم والقدرة ثم اعتبارهما صفين ذاتيتين أو اعتبارين أو حالتين أو ردهما إلى صفة واحدة هي العلم.
36
وللنفي عدة أساليب ترجع إلى قسمة الاسم إلى فعل وفاعل ومفعول، وهي أطراف القسمة الثلاثية المعروفة عند أهل اللغة: اسم الفعل واسم الفاعل واسم المفعول. الصفة اسم الفعل كالعلم، والموصوف اسم الفاعل كالعالم، وموضوع الصفة اسم المفعول كالمعلوم. وهي القسمة التي استعملها الحكماء من قبل للتعبير عن التنزيه بالتوحيد بين الأطراف الثلاثة: فالله علم وعالم ومعلوم، عشق وعاشق ومعشوق، عقل وعاقل ومعقول ... إلخ. وباستعمال هذه القسمة يمكن القول بأن نفي الصفات أخذ طريقين: الأول التوحيد بين اسم الفعل واسم الفاعل. وفي هذه الحالة تنفى الصفات عن طريق إلحاقها بذات الباري وعدم التفرقة أساسا بين الذات والصفات. حينئذ تكون القدرة هي القادر، والعلم هو العالم، والحياة هي الحي، والإرادة هي المريد. ولنفي أي موضوع للفاعل قد يتحول اسم الفاعل إلى «فعيل» أو «فعال»، وبالتالي لا يكون سامعا فقط، بل سميعا ولا فاعلا فقط، بل فعالا.
37
والثاني التوحيد بين اسم الفاعل واسم المفعول، وفي هذه الحالة أيضا تنفى الصفات بتحويل الصفة إلى متعلق الصفة فيكون العلم هو المعلوم، والقدرة هي المقدور، والإرادة هي المراد.
38
Неизвестная страница