От доктрины до революции (2): Единобожие
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Жанры
28 (2)
أنه دليل قرآني، موجود في الوحي، استعمله الخليل في الاستدلال على وجود «الله»، وليس فيه أثر خارجي من حضارات مجاورة يونانية أو غيرها بالرغم مما قد يوحي به لفظا الحدوث والقدم. بل إن لفظ العرض والقديم ألفاظ قرآنية أصلية، والاستدلال على حدوث الأعراض وإثبات التغير والتحول والتطور مستعمل في الوحي في وصف تحول النطفة إلى علقة ثم إلى مضغة إلى آخر ما هو معروف من تصوير للجنين في رحم الأم في أطواره البيولوجية المختلفة.
29 (3)
أنه يطابق شهادة الوجدان، والانتقال من الشيء إلى غيره، ومن الحسي إلى العقلي، ومن الجزئي إلى الكلي، ومن الفردي إلى الشمل، ومن الخاص إلى العام. كما أنه يتفق مع بداهة البسطاء، والموقف الطبيعي للعامة بالذهاب من اللفظ إلى المعنى، ومن الشيء إلى الدلالة. (4)
أنه قد يؤدي إلى البحث عن الأصل والنشأة والتكوين من أجل فهم الشيء عند العلماء. فالشيء أصل وتكوين، والبحث عن هذا الأصل في العلل البعيدة، وتكوين رؤية ميتافيزيقية بعيدة، ومنظور فلسفي شامل، كما يؤدي أيضا إلى البحث عن الغاية والقصد، والنظر إلى العلة الأولى من الأمام، فتثبت القصدية والغائية وتنتفي العشوائية والمصادفة.
30 (5)
قد يؤدي حدوث العالم بعد الوعي به إلى الإحساس أيضا بإمكانية تغيير هذا العالم، وبأن كل شيء فيه يخضع لإرادة الإنسان وطيع لحريته، وبالتالي يكون حدوث العالم دعوة إلى التغيير وممارسة الإرادة الحرة حتى يتم تشكيل الواقع من جديد طبقا لمثل الإنسان ولمشروعه الجماعي القومي، وهو النظام المثالي للعالم الذي يستنبطه منه الوحي. ففناء العالم يعني بقاء الإنسان فيه، وليس عزلته عنه أو تركه له أو نبذه إياه أو إسقاطه من الحساب ووضعه في السلب المطلق، ودفعه إلى العدم باعتباره غير ذي قيمة، لا يستحق أن يكون طرفا للإنسان، وميدانا للفعل، ونشاطا للإرادة، وهذا هو معنى أن «لكل ممكن علة مؤثرة.»
31
إن حدوث العالم قد يوحي بالنشاط والرغبة في تجاوزه. وقد يحدث هذا بالفعل عند بعض القديسين وحدهم رغبة في شهادة فردية، وبطولة استثنائية يؤثر عالما آخر، خيرا وأبقى. أما عند عامة الناس فإنه قد يكون إسقاطا للعالم، وانعزالا عنه أو زهدا فيه، وتخليا عنه، ونبذا له.
ومع ذلك فللدليل عيوب كثيرة، منها ما يتعلق بالفكر العلمي، ومنها ما يتعلق بالفكر المنطقي، ومنها ما يتعلق بالفكر الديني، ومنها ما يتعلق بالفكر السياسي والاجتماعي. فمن ناحية الفكر العلمي: إن إثبات حدوث الأعراض أسهل بكثير من إثبات حدوث الجواهر؛ لأن الأعراض تطرأ على الجواهر وتتوالى عليها، فالجوهر هو الثابت والأعراض هي المتغيرة، وبالتالي يصعب تصور الجواهر على أنها حادثة إلا إذا تم التوحيد بين الجوهر وأعراضه مما ينفي وجود الجوهر. كما أن موضوعات الحركة والسكون وباقي الأعراض مواضيع للعلم الخالص مثل الديناميكا وليست مجالا للتأمل الفلسفي الخالص كدليل على أن الأعراض حوادث. والتغير، كونا وفسادا، موضوع لعلم الحياة وليس وسيلة لإثبات فلسفي لوجود لا يتغير ولا يتطور.
Неизвестная страница