От вероисповедания к революции (1): Теоретические предпосылки
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Жанры
(1) العلم الإنساني
كما أن تعريف العلم لا يكون إلا للعلم الإنساني، فالعلم الإلهي ليس صفة مشخصة للذات، بل هو الوحي المنزل الذي أصبح علما إنسانيا بمجرد كتابته وقراءته وفهمه وتفسيره، فكذلك أقسام العلم لا تكون إلا للعلم الإنساني إلى ضروري ومكتسب أو إلى تصور وتصديق، أو إلى بديهي واستدلالي. لا يقسم العلم إذن إلى إلهي وإنساني، قديم وحادث، علم خالق وعلم مخلوق. فهذه قسمة دينية تقوم على التشخيص بالنسبة إلى العلم الإلهي، وعلى احتقار الذات بالنسبة إلى العلم الإنساني. كما أنها قد تقوم على التملق والمداهنة والنفاق فنجعل العلم الإنساني محدودا والعلم الإلهي غير محدود، وتكون غاية الإنسان التقرب إلى الله وسؤاله العطاء المعرفي أولا ثم الشيئي ثانيا. الأول ينقسم إلى ضروري واستدلالي في حين أن الثاني لا ضرورة فيه ولا استدلال؛ لأنه يتعالى على ذلك ويجاوز هذه القسمة. ويصل حد احتقار الذات إلى وضع العلم الإنساني مع علم الحيوان! كما يصل حد التملق إلى وضع العلم الإلهي مع علم الملائكة والجن!
والحقيقة أننا لا نعلم إلا علما واحدا هو العلم الإنساني. ولا ندري عن علم الحيوان إلا ما يعلمه الإنسان عن الحيوان. ولا ندري عن علم الملائكة أو علم الجن إلا ما يعلمه الإنسان عن هذه العلوم بعد إثبات وجود مثل هذه المصادر للعلم. ولا نعلم عن «علم الله» إلا ما هو موجود في كتاب مدون بلغة معروفة وبعقل يفسر ويفهم ويعقل ويتمثل ويحقق وهو الإنسان المكلف. لا يوجد إذن في هذه العلوم الثلاثة، لو وجدت، إلا العلم الإنساني كطريق لها. نحن لا نعلم عن هذه العلوم الثلاثة شيئا إلا من خلال العلم الإنساني. وقد تكون أدخل في مضادات العلم في الشك أو الظن أو الوهم أو الجهل أو التقليد منها إلى العلم؛ فهي اعتقاد جازم غير مطابق أو هي اعتقاد جازم مطابق من غير سبب. لا يمكن الحديث عن علم الملائكة أو علم الجن لأنه ليس لدينا تجارب عن هذه العلوم. وعلم الحيوان أقرب إلى لغة التخاطب منه إلى علم يقوم على التصور والتصديقات، ويعتمد على النظر والاستدلال. ولا يقال إن هذه العلوم الثلاثة مذكورة في القرآن؛
1
وذلك لأن الوحي بمجرد نزوله يصبح علما إنسانيا، ويتحول بمجرد قراءته وفهمه إلى علوم إنسانية مثل علوم القرآن وعلوم التفسير وعلم القراءات وعلوم أخرى جزئية متضمنة في علوم القرآن مثل علم أسباب النزول، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم المكي والمدني، وعلم المحكم والمتشابه ... إلخ، وذلك من حيث التدوين والتفسير. أو يتحول إلى علوم عقلية شرعية مثل علم أصول الدين، وعلم أصول الفقه، وعلوم الحكمة، وعلوم التصوف. أو يتحول إلى علوم عقلية خالصة مثل العلوم الرياضية والطبيعية أو إلى علوم إنسانية خالصة مثل علوم الجغرافيا والتاريخ واللغة والأدب.
2
العلم إذن ليس قديما أو حادثا، بل هو العلم الإنساني الذي ينشأ في الشعور، يحلله العقل، ويصدقه الواقع. هو حادث بحدوث الشعور وقديم بقدم الشعور إذا كان مختزنا فيه واستدعته الذكريات أو إذا كان مسلمات في العقل لم ينشأ من التجربة في مقابل العلم الحادث الذي ينشأ من التجربة أو إذا كان «أنطولوجيا» خالصة تكشف عن مناطق مثالية للشعور أو أنماط نموذجية فيه. العلم القديم هو الذي يعتمد على التاريخ وعلى المعلومات المتراكمة وعلى خبرات الماضي، أما العلم الحادث فينشأ في العصر ويحدث في الجيل. إن افتراض أن علومنا محصورة في مقابل علوم «إلهية» لا يمحوها حصر؛ مزايدة دينية وقول مجاني لا يهدف إلا إلى الإعلان عن الذات، ولا يعبر إلا عن إيمان طفولي، ولا يهدف إلا إلى السيطرة على العامة وفرض الوصاية عليها، وذلك لأنه فوق كل ذي علم عليم! والعلم الإنساني في حقيقة الأمر ليس محصورا ولا محاصرا؛ فالعقل قادر على إيجاد أنساق شاملة يضع فيها موضوعاته، كما أن الشعور قادر على رؤية المعاني والدلالات كماهيات مستقلة. والواقع نفسه عريض ومتسع وشامل، يعطي وقائع لا حصر لها كحوامل للمعاني. وأن فكرة وجود علم غير محدود فكرة إنسانية خالصة، لها وظيفة معرفية في الاستمرار في البحث، والاستكشاف المستمر لقوانين الطبيعة، ورفض الجمود المذهبي والقول النهائي في العلم.
3 (2) العلم بديهي ضروري أو استدلالي نظري؟
لما كان العلم «القديم» افتراضا محضا خارجا عن نظرية العلم،
4
Неизвестная страница