От кредо к революции (3): Справедливость
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Жанры
بل إن بعض الأتقياء من دعاة الأمر الواقع واستتباب النظام والرضا بالقضاء والقدر تثبت الحرية نظريا على مضض، ولكن الوقت عصيب، والظرف غير ملائم، والزمان غادر، ومن ثم يعلنونها سرا بالرغم من رفضهم الخروج والاعتزال والرفض واستسلامهم للأمر الواقع وطاعتهم للنظام المستتب. تثبت الحرية إذن في السلوك البسيط كما تقوم به عامة الناس دون إصدار حكم صريح على الأفعال. فالحرية تثبت عند الأقوياء وعند الضعفاء على حد سواء.
226
والذين أحق بتسميتهم بالقدرية ليسوا هم أنصار الحرية بل أنصار الجبر؛ إذ تثبت التسمية من إثبات الشيء أولى من ثبوتها من نفيه، كما تثبت حين يتكرر اللفظ باستمرار عند من يثبته لا عند من لا يذكره أو ينكره.
227
وذم القدرية واقع لمن يثبت القدر وينكر الحرية لا لمن ينفي القدر ويثبت الحرية. القدر مذهب مذموم لأنه كمذهب المجوس يلحق الشر والظلم وكل مظاهر النقص بالكمال.
228
وقد يكون كل ما روي في ذم القدرية بهذه التسمية التي لا تصدق على المسمى بعد أن لقب أنصار الحرية بالقدرية؛ عملا سياسيا خالصا باستعمال سلاح الألقاب حتى تخمد مقاومة السلطان، وحتى يقتنع الجمهور بأن الحال الحاضر من فعل الله وبقضائه وقدره.
229
فالمعتزلة لا يعبثون بالشرائع باسم قضاء الله وقدره، ولا يقولون بصدور القبح والشر عن الله، ولا بجواز تكليف ما لا يطاق، ولا بالجبر في أفعال الشعور الداخلية، ولا بالقضاء والقدر والاحتجاج به على المعاصي، ولا بتأييد حجج إبليس في الغواية، ولا بالكلام في القدر. يفصلون بين القدر والقدرة، ويقولون بالاختيار وبتنزيه الله عن القبائح وبجعل المعرفة شرطا للفعل الحر. ترى النبوة ممكنة، وتضع الدواعي والمقاصد وراء الأفعال، وتضع قانون الاستحقاق. (3-2) إثبات الحرية
في الحقيقة لا تحتاج الحرية إلى إثبات؛ فهي أمر بديهي يشهد به الحدس والوجدان، ويفضل الإنسان أن يضحي بحياته في سبيل أن يكون حرا هو أو شعبه. وهو ما حاولت بعض الحركات الإصلاحية الحديثة إبرازه.
Неизвестная страница