213

От кредо к революции (3): Справедливость

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

Жанры

وقد يتم إثبات اللطف تفضلا وإنعاما دون أن يكون واجبا. كما يمكن إثباته وعدا وإنكاره وجوبا. وإن إتيان الفعل بلا لطف أكثر ثوابا من إتيان الفعل بلطف. وفي سؤال الإخوة الثلاثة قد يسأل الصغير لماذا أعطيتني لطفا واستحق ثوابا أقل؟ وقد يظهر ذلك في صيغة سؤال: هل لدى الله لطف لو أعطاه الكافر لآمن والعاصي لأطاع؟ وإثباتا للطف النظري دون الوجوب العملي ليس في مقدور الله أن يحتفظ بلطف لو فعل لآمن الذين كفروا. بعد إثبات اللطف يكون الخلاف: هل يقدر الله على لطف زائد أم لا يقدر بعد أن أعطى كل ما لديه؟ الأول يمنع القدرة والثاني بخل وشح؛ لذلك لا يجب اللطف على الله. ولو وجب لكان لا يوجد في العالم عاص لأنه ما من مكلف إلا وفي مقدور الله من الألطاف ما لو فعل به لاختار الواجب وتجنب القبيح. فلما كان هناك عصاة فلا وجوب في اللطف. نفي اللطف هنا يعني عدم الوجوب في حين أن النفي في الجبر والعصمة يعني عدم الوقوع. وما الحكمة في أن يعطي الله لطفا مقربا ثم لا يعطيه كله ويكون قادرا على الزيادة فيه؟ وإذا كان الله لا يستطيع إلا هذا اللطف وهو أخص ما لديه فمقدوراته متناهية وإرادته عاجزة. وفعل إثبات العجز والكرم أفضل من إثبات القدرة والشح؟ وإذا كان اللطف كصفة لله غير متناه مثل باقي الصفات لا غاية له ولا كل، فلماذا البخل والشح؟ وما مقياس العطاء والإمساك؟ هل التفضل مجرد تعبير عن مشيئة مطلقة بلا مقياس؟ هذا هو العبث والتحكم والحكم المطلق. لذلك لا يكون اللطف واجبا ولا يكون مقدورا، بل مجرد تفضل بعد سؤال العصمة والدعاء بالسداد وطلب التوفيق. واللطف استجابة لدعاء وعطاء بعد سؤال. واليد العليا خير من اليد السفلى.

9

يمكن إثبات اللطف إذن نظرا ومنعه عملا. فالله عنده لطف لو فعله لآمن الكافر ولكنه لا يفعل ذلك عملا. وما الفائدة من حق نظري لا يستعمل.

10

لذلك كان نفي اللطف المدخر أفضل من إثباته دون استعمال. فالله قد أعطى أقصى لطف لديه وليس لديه لطف منعه من الكفار حتى لا يؤمنوا وإلا لما كان في أفعاله صلاح العباد؛ فاللطف صلاح، ولما كان الله يفعل الأصلح فإنه يفعل أيضا الألطف.

11

وقد ينفى اللطف بالجبر إذن إن جبر الأفعال لا يحتاج إلى لطف، فالأفعال واقعة جبرا وقسرا بلطف أو غير لطف. والعصمة مثل الجبر تمنع من الإقدام على القبيح وتدفع إلى الطاعة فليست في حاجة إلى لطف.

12

وقد ينفى اللطف بحرية الأفعال. فالإنسان حر في أفعاله لا يحتاج إلى عون أو تأييد سابق أو مقارن أو لاحق إلا من بنية الفعل ذاته من أحكام النظر، وقوة الباعث ووضوح الهدف، وشحذ الطاقة، ومعرفة مسار الفعل وقوانين الحركة في التاريخ. فاللطف في هذه الحالة ليس قوة تأتي من الخارج بلا تمييز ولا شرط، بل هو تحول قوى الفعل من كم إلى كيف. فالفعل يولد طاقة جديدة أثناء تحققه زائدة على الطاقة الأولى التي كانت قبل التحقق.

13

Неизвестная страница