أسرعوا إلى ساحل البحر، أما أنتم فمشرقين وأما أنتم فمغربين، وابحثوا عن أياس لتعلموا أين ذهب زوجي ليلتمس الموت. فقد أرى أنه خيب أملي وصرف عني عطفه القديم، أي بني ماذا أصنع؟ لا يجب أن أظل جامدة في مكاني، بل يجب أن أمضي مع الآخرين إلى حيث تبلغني قوتي، لنمض لنشتد في العدو، ليس هذا وقت القعود حين يجب إنقاذ من يسرع إلى الموت.
رئيس الجوقة :
أنا مستعد للعدو وسأثبت هذا بشيء غير الكلام، وسيكون إسراعي في العمل تابعا لإسراعي في العدو. (تخرج تكمسا مسرعة مع ابنها وتنقسم الجوقة إلى فريقين يمضي كل منهما لوجهة يمينا أو شمالا، ويظل موقف الجوقة خاليا ثم يتغير المنظر. مكان معتزل خال على ساحل البحر، وقد غرز أياس سيفه في الأرض وراء بعض الأعشاب، وجعل حده إلى الهواء.)
أياس :
هذا قاتلي قائما على هذا النحو يكون أقطع وأمضى حتى لمن يفكر ويروي، لقد أهداه إلي هكتور أبغض من ضيفني وأشد أعدائي عندي مقتا، لقد غرزته في أرض العدو أرض طروادة بعد أن شحذته على الحجر الذي يعض الحديد، لقد أثبته في الأرض، فهو الآن قادر على أن يمنحني من غير عناء هذا الموت السريع الذي أطلبه وأرغب فيه.
لقد فعلت كل ما كنت أستطيع أن أفعل، أما الآن فإن عليك يا زوس - قبل غيرك - أن تتم ما يجب عليك فتعينني، لا أطلب إليك شيئا ذا خطر، أوصل إلى تكروس هذا النبأ المحزن نبأ موتي، وليكن هو أول من يأتي ليداري جسم صديق قد ألقى بنفسه على سيفه الدامي، ليحذر كل الحذر أن يسبقه إلى هذا الجسم أحد الأعداء فيطرحه طعمة للكلاب، وسباع الطير، أي زوس، هذي صلاتي، ولكني إنما أضرع إلى هرميس، هذا الذي يقود الموتى في الدار الأخرى، ألا يكاد هذا السيف يخترق جسمي حتى يمهد لي إلى تلك الدار مهبطا سهلا هينا.
إنما أدعو هؤلاء العذارى المعينات اللاتي تغمضن أعينهن عن بؤس البائسين، أدعو آلهة الانتقام الجليلات المسرعات لينظرن إلى هذا الموت الذي ألقاه في شقاء وسوء حال بيد ابني أتريوس؛ لعلهن ينلن هذين الرجلين الشريرين بسخطهن، فيعدلن بين إثمهما وما يلقيان من عقاب.
إنهن ليرينني أسلب نفسي الحياة بيدي، فلعل هذين الرجلين يسلكان هذه الطريق التي أسلكها فيمزق كل منهما صدره ويجود بنفسه أمام أعز الناس عليه وأحبهم إليه، أقبلن إذا أيتها الآلهة المنتقمة، أسرعن لا تبقين على شيء، سلطن غضبكن على هذا الجيش كله. وأنت أيتها الشمس تقود عجلتها على قبة السماء إذا بلغت مسقط رأسي، حيث رأيت الضوء لأول مرة فأمسكي لجامك الذهبي وألقي إلى أبي الذي قد أثقلته السن وإلى أمي التعسة ما لقيت من بؤس، وما ادخر لي القضاء، يا لها من شقية، بأي أنين سيمتلئ بيتها حين يبلغها هذا النبأ، ولكن ماذا أصنع؟ لندع هذا البكاء الذي لا يجدي شيئا ولنسرع إلى إتمام ما بدأنا.
يا للموت، أيها الموت أقبل الآن، أعني، زرني لقد آن لك أن تفعل، عما قليل سأساكنك وسيتصل بيننا الحديث، أيها الضوء اللامع ضوء النهار، أيها النور المشرق، أيتها الشمس إني لأراك، إني لأناجيك لآخر مرة أيتها الأسوار المقدسة، أسوار سلامين وطني، أيتها المنازل العزيزة منازل أجدادي، أيتها المدينة الكريمة مدينة أتينا، أيها الأصدقاء الذين شبوا معي، أيتها العيون والأنهار والحقول تحيط بتروادة إليكم أهدي التحية. أي هذان اللذان منحاني الحياة في ذمة الآلهة، هذه آخر كلمة يوجهها إليكما أياس فلن ينطق بعدها في دار الموتى. (يقبل بعض الجوقة من جهة وبعضها من جهة أخرى.)
الفريق الأول :
Неизвестная страница