Milad Mujtama
ميلاد مجتمع
Издатель
دار الفكر-الجزائر / دار الفكر دمشق
Номер издания
الثالثة
Год публикации
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦م
Место издания
سورية
Жанры
الآشورية القوية في القرن الخامس قبل الميلاد لم يكن هذا الحدث التاريخي ليعزى إلى صدفة الحرب، ولكن إلى تحلل المجتمع الذي كان يمثل هذه الإمبراطورية، والذي أصبح فجأة عاجزًا عن أي نشاط مشترك. فشبكة علاقته المتمزقة لم تعد تتيح له أن يحافظ على إمبراطورية (آشور بانيبعل) القوية.
ومع ذلك فقبل أن يتحلل المجتمع تحللًا كليًا، يحتل المرض جسده الاجتماعي في هيئة انفصالات في شبكته الاجتماعية، للأسباب التي ذكرناها كمًا وكيفًا. وهذه الحالة المرضية قد تستمر قليلًا أو كثيرًا، قبل أن تبلغ نهايتها في صورة انحلال تام. وتلك هي مرحلة التحلل البطيء الذي يسري في الجسد الاجتماعي.
بيد أن جميع أسباب هذا التحلل كامنة في شبكة العلاقات، فلقد يبدو المجتمع في ظاهره ميسورًا ناميًا، بينما شبكة علاقاته مريضة، ويتجلى هذا المرض الاجتماعي في العلاقات بين الأفراد. وأكبر دليل على وجوده يتمثل فيما يصيب (الأنا) عند الفرد من (تضخم) ينتهي إلى تحلل الجسد الاجتماعي لصالح الفردية، عندما يختفي (الشخص) أو خاصة عندما يسترد (الفرد) استقلاله وسلطته في داخل الجسد الاجتماعي.
فالعلاقات الاجتماعية تكون فاسدة عندما تصاب الذوات بالتضخم فيصبح العمل الجماعي المشترك صعبًا أو مستحيلًا، إذ يدور النقاش حينئذ لا لإيجاد حلول للمشكلات، بل للعثور على أدلة وبراهين.
في حالة الصحة يكون تناول المشكلات من أجل علاجها هي، أما في الحالة المرضية فإن تناولها يصبح فرصة لتورم (الذات) وانتفاشها، وحينئذ يكون حلها مستحيلًا، لا لفقر في الأفكار أو في الأشياء، ولكن لأن شبكة العلاقات لم تعد أمورها تجري على طبيعتها.
1 / 41