205

قال العلامة (المقبلي) في (العلم الشامخ): (ولا نسلم شرطية التفصيل).

قال في (الأرواح): (يعني أنه ممنوع أما أولا فلأنه تشكيك في الضروريات، وأما ثانيا فلأنه يصدر الفعل ممن لا يتهيأ منه العلم كالنائم، والمجنون، والطفل، والبهائم وسائر الحيوانات غير العاقلة، فلو كان العلم شرطا لمطلق الفعل لما صدر عنها فعل البتة، وإنما يشترط مطلق الشعور ولو تخيلا بحيث يصح التوجه والقصد، ثم إنا لو سلمنا لهم شرطيته فمن أين لهم أنه لا يعلم؟ فإنا لا نشك في علمه، لكنه ذاهل عن علمه بالعلم لقلة وقت العلم.

قال (القرشي): وقد قال بعض أصحابنا إن أحدنا يعلم تفاصيل ما أحدثه أي يعلم أعيانها وإن لم يعلم كميتها؛ لأن العلم بالكمية أمر زائد على ذلك، ألا ترى أن من دخل جامعا فإنه يعرف أعيان من فيه وإن لم يعلم كميتهم، ولنا أن ننقل هذه الشبهة في الكسب، فنقول: يلزم أن يكون أحدنا عالما بتفاصيل ما اكتسبه، وجوابهم جوابنا، ولا محيص لهم عن هذا، وحينئذ تكون هذه الشبهة مقتضية لنفي الفعل بالكلية، وفي تصحيحها إثبات مذهب جهم الذي أجمعنا على بطلانه، وأنه مخالف للضرورة، لكنه لما لم يكن لهم همة إلا رد مذهب خصومهم تعلقوا بكل ما وجدوا وإن علموا أنه لا يفيدهم.

ولنقتصر على هذا القدر من شبههم العلقية؛ إذ ليس لهم إلا ما هو أضعف منها وأوضح بطلانا، ولعله يمر بك شيء منها في أثناء المسائل الآتية في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.

وأما الشبه السمعية فسيأتي الكلام عليها في مواضعها إن شاء الله تعالى.

واعلم أن معظم اشتغالنا برد الشبه التي تمسك بها القائلون بالكسب، ولم نشتغل كثيرا بالكلام مع الجهمية لظهور مخالفة مذهبهم للضرورة، مع أن ما أوردناه وما أورده الأشاعرة متضمن لإبطال مذهبهم. والله الموفق.

Страница 205