حياته العلمية ومشائخه
ثم انتقل إلى هجرة ضحيان، ومكث بها فترة ثم رجع إلى صارة، ومن صارة كان ينتقل مطلع كل أسبوع إلى هجرة فلله طالبا للعلوم، عاكفا عليها بعزيمة صادقة، وهمة عالية، محققا لمنطوقها والمفهوم، وكان من مشائخه آنذاك: السيد العلامة علي بن قاسم شرويد، والسيد العلامة أحمد بن عبدالله بن قاسم حوريه، والسيد العلامة عز الدين بن الحسن عدلان، والقاضي العلامة عبدالله بن عبدالله الشاذلي، والقاضي العلامة محمد بن هادي الفضلي... وغيرهم، إلا إن هؤلاء أكثر من لازمهم.
وقد برع في كثير من فنون العلم وبلغ غاية عظيمة في الاجتهاد، بالرغم من العوائق التي كانت تصاحبه أثناء طلبه للعلم. ولنترك ولده السيد العلامة يحيى بن علي العجري يحدثنا عن بداية طلبه للعلوم. قال: كان يتحمل طعامه في آخر كل أسبوع من محله بوادي صاره، ويصعد به الجبال الشاهقة، والطرق الوعرة، ويقاسي المشاق العظيمة مع صبر حسن، وعفة وزهد، وورع وعبادة، معرضا عن الدنيا، مشتغلا بالأعمال المقربة إلى الله، صارفا همته ورغبته في طلب العلم، وتحصيل الفوائد وتقييد الشوارد.
وقال أيضا: أخبرني رحمه الله أنه كان في ابتداء طلبه أيام بقائه بالهجرة يعود آخر الأسبوع إلى محله في يومي العطلة المعتادة (الخميس والجمعة)، وكان له في أثناء الطريق موضعان يجلس فيهما لتهدئة الأعصاب من وعثاء السفر، أحدهما للدفء والآخر للاستظلال، على حسب مقتضى الحال، وعند جلوسه في أحد الموضعين يجهد نفسه في دراسة مقروءاته في الأسبوع، ويصابر نفسه على أن لا يبرح حتى يتمها.
(الجد بالجد والحرمان بالكسل). لقد أثمر جهده، وظهر جده، وجمع علوما غزيرة قل حاملها.
Страница 19