Ключ к счастью
مفتاح السعادة
Жанры
الطريقة الثانية: جعل هذا العلم من باب إلحاق التفصيل بالجملة، وبيانه أن العقلاء يعلمون حسن الزجر عن القبيح، والتوبيخ عليه ضرورة وإن اختلفوا في تفسير القبيح، ويعلمون ضرورة قبح زجر الرجل عن طوله وسواده، وقبح توبيخه على ذلك، ثم إنا نعلم ضرورة أن وجه استقباحه كونه مضطرا إليه لا يمكنه الانفكاك عنه، لا وجه لاستقباحه سوى ذلك، ويتفرع على هذه المقدمات مقدمتان ضروريتان يتفرع عنهما العلم الثالث، وهو إلحاق التفصيل بالجملة، وبيانه أن كل ما اضطر إليه قبح التوبيخ عليه ضرورة، وفي أفعالنا ما لا يقبح الزجر عنه ضرورة كالظلم والكذب، فتحصل عن هذين العلمين علم ثالث، وهو أن في أفعالنا ما لا نضطر إليه، والخصم لا ينازع في كون العلم بالمقدمتين الأوليين ضروريا، وإن نازع في تفسير القبح، وقال إنه صفة نقص، فمطلوبنا حاصل من غير لبس، فإن نازع في أي المقدمتين فذلك سفسطة ظاهرة، وكذا إن نازع في كون وجه الاستقباح الاضطرار؛ لأنا نجد العلم الضروري أنه هو العلة، كما نعلم ضرورة أن العلة في تناول البهيمة العلف شهوتها، والمشكك في ذلك كالمشكك في المشاهدات أنها خيالات لا حقيقة لها.
قال عليه السلام : فهذه هي الطريقة المرضية عندنا، ولا أظن أبا الحسين أراد إلا ذلك، فإن قلت: فما هذا العلم الثالث أضروري هو أم استدلالي؟ أم لا أيهما؟
قال عليه السلام : قد اختلفت أقوال مشائخنا في ذلك، لكن قد اتفقوا على الفرق بينه وبين العلم النظري بأن هذا مبتدئ ليس بمتولد عن النظر، واختلفوا في الموجد له هل هو الباري تعالى فهو ضروري أم أحدنا فليس بضروري، لكنه جار مجراه في أنه لا ينتفي عن النفس بشك ولا شبهة، بل هو كالملجأ إلى إيجاده مهما بقي معه العلمان الأولان.
Страница 182