118

Микраж Ила Кашф Асрар

المعراج إلى كشف أسرار المنهاج

قوله: ونحو ذلك. يعني من شهرهم كقولهم أن الناظر في السيف يرى وجهه طويلا وأن الشمس ترى كأنها قرصة مع أنها أكبر من الأرض والقمر تحت السحاب يرى كأنه يسير والسحاب واقع والأمر بالعكس، ومن أدار نفسه مرارا كثيرة رأى الأرض كأنها تدور معه وتراها كأنها تنخفش وترتفع. قوله: لأمر يرجع إلى الأشعة يعني أن الواحد لما كان لايرى الإشعاع ينفص من نقطة عينه وقد تختلف أحوال ذلك الشعاع في انعكاسه وانعراجه واستقامته وقع الغلط في المناظر فلو لم يكن أحدنا يرى بالشعاع لم يقع ذلك، وهذا جواب جملي وتفصيل الكلام في الجواب عليهم أن يقال: أما السراب ويخيل الرآي له بصفة الماء فلأنه أجزاء من بخار الأرض يرتفع ولونها شبيه بلون الماء فإذا وقعت عليه الشمس تلألأ واضطرب فظن ماءا وأما العنبة فترى كبيرة لما جاورها من أجزاء الماء التي لم تنفصل عنها ويتصل الشعاع بها على سواء ولايقوى على تمييزها مما اتصل بها، وأما رؤية الشجرة منكسة فلأن الشعاع يتصل بالماء ثم ينعكس فيتصل أولا بأصل الشجرة وساقها لقربة من الماء ثم يتصل عقيب ذلك بأعلاها فترى منكسة، وأما رؤية راكب السفينة للشط كأنه سائر فلأن الشعاع يتصل به وينفصل سريعا ويتخطى عنه السفينة ويتخلف الشجر فترى كأنه يسير إلى خلف، وأما السيف فلأن الشعاع يتصل به طولا وينعكس عنه إلى الوجه طولا فيخيل له أن وجهه طويل وكذلك في العرض إذا رأى وجهه في سيف عريض، وأما الشمس فلاستدقاق زاوية الشعاع فما بعد المرئي استدقت زاوية الشعاع حتى يقع على بعضه وسيأتي تحقيقه في مسألة الرؤية إن شاء الله، وأما القمر والسحاب فلأن الشعاع يتصل بهما فيحركه السحاب فيخيل إليه ذلك ذكره الحاكم، وقال ابن مثويه: إنما يرى القمر كأنه يسير عند سير السحاب لأن الشعاع متصل بالأمرين، وهذه حالة السحاب مع الكواكب وأقطار القمر والكواكب معلومة لنا مدركة دون أقطار الغيم فإذا سار الغيم رأى القمر والكواكب كأنها سائرة لاتصال الشعاع بالكل على وجه لايتميز، ولهذا لو أمكن أن يجمع شعاع أعيننا نحو القمر والكواكب لرأيناها ثابتة والسحاب سائر، وأما من أدار نفسه فإنما يرى الأرض على ما قالوه لاضطراب شعاع عينه ودورانه بدوران الواحد منا فيظن أن الأرض متحركة هذا ما ذكره أصحابنا من أسباب وقوع الغلط في المناظر فإن صح ما ذكروه، وإلا قلنا ذلك مما تفرد الباري بمعرفة أسبابه ولم نقدح شبه السوفسطائية فيما يعلم ضرورة وما أبعدها عن التشكيك والقدح، لكن هذا الذي ذكره أصحابنا مبني على ثبوت الشعاع وأحكامه.

القول في وجوب معرفة الله تعالى

قوله: (ذهب الجمهور): أهل العدل من الزدية والمعتزلة، وعدلية الإمامية وأكثر فرق الإسلام.

قوله: (وقال أبو علي الأسواري والجاحظ وغيرهما: المعارف ضرورية فلا تجب) اعلم أن هؤلاء هم المسمون بأهل المعارف، قالوا: المعارف ضرورية فلا يجب علينا المعرفة على الإطلاق لافي دار الدنيا ولا في دار الآخرة لأنها من فعله تعالى فهي غير داخلة في التكليف، وحكى عنهم في سائر مسائل أصول الدين المتعلقة بالتوحيد والعدل والوعد والوعيد مثل ذلك، ثم اختلفوا فمنهم من قال: إن المعرفة تحصل إلهاما فلا يجب النظر أيضا، وهو قول أبي علي الأسواري، ومن تابعه، ومرادهم بالإلهام أنها واقعة لا لأمر ولاعند أمر وإنما هي كالبديهيات، ومنهم من قال بوجوب النظر لأنه شرط اعتيادي يفعل الله المعرفة عنده، وهو مذهب الجاحظ وأخباره صاحب الجوهرة.

Страница 138